ثم جاء موسى بن جعفر عليهما السلام وقام مقام أبيه وجلس في المسجد وبين للناس الأحكام والسنن وانثال حوله المحدثون ونقلوا عنه الآثار وألفوا وكتبوا وكان عليه السلام ينشر العلم والفضيلة في جوار جده صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن دخل هارون الرشيد المدينة وأخذه وأبعده من المدينة إلى البصرة ثم استدعاه إلى بغداد وسجن بها واستشهد بعد مدة صلوات الله عليه، وفي الأيام التي كان عليه السلام في الحبس أخذ هارون جماعة من شيعته وشدد عليهم وكان منهم محمد بن أبي عمير، فضرب ثم سجن، وضاع كتبه وآثاره المروية عن أهل البيت عليهم السلام.
وبعد ذلك قام بالأمر ابنه علي بن موسى الرضا عليهما السلام وجلس جلسه في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويفتي ويفسر ويدرس عليه الناس، وكان الرضا عليه السلام في رخاء وعافية من الحكومة، ولا يؤخذ على من ورد عليه، وكان مشتغلا بنشر العلم والفضيلة إلى أن توفي هارون الرشيد بطوس من خراسان ووقع ما وقع بين الأمين والمأمون وقتل الأمين واضطرب أمر بني العباس وثارت البلدان على المأمون.
فعند ذلك استدعاه المأمون إلى الخراسان، وسار عليه السلام من طريق البصرة والأهواز وفارس إلى خراسان ووصل مرو وجرت بينه وبين المأمون أمور وصار ولى عهده، وبعد ذلك ظهرت حوادث وانجر الامر بشهادة الرضا عليه السلام، سنذكرها إن شاء الله في الأبواب الآتية على التفصيل.
أسماء الرواة عن الباقرين والكاظمين عليهم السلام مضبوط في كتب الرجال، ونحن نذكر إن شاء الله أسماء رواة الإمام الرضا في ذيل المسند فليراجع هناك.
(مسند الإمام الرضا عليه السلام وإسنادنا إليه) خرجنا - ولله الحمد - كل ما ورد عن الرضا ونقلها أئمة الحديث والآثار من قدماء أصحابنا الإمامية رضوان الله عليهم - على طريقة المؤلفين، وهذا المسند يكون كغيره من كتب الحديث يوجد فيه الثقة والصحيح والحسن والضعيف والمتروك، وبيان ذلك عند الفقهاء وأصحاب الجرح والتعديل والعلم بحقائق الأمور عند الله تعالى