قواده أبوا ذلك، أحدهم عيسى الجلودي وعلي بن أبي عمران، وأبو يونس فإنهم أبو أن يدخلوا في بيعة الرضا عليه السلام، فحبسهم وبويع للرضا عليه السلام، وكتب ذلك إلى البلدان، وضربت الدنانير والدراهم باسمه وخطب له على المنابر وأنفق المأمون في ذلك أموالا كثيرة.
فلما حضر العيد بعث المأمون إلى الرضا عليه السلام، يسأله أن يركب ويحضر العيد ويخطب ليطمئن قلوب الناس ويعرفوا فضله وتقر قلوبهم على هذه الدولة المباركة فبعث إليه الرضا عليه السلام، وقال: قد علمت ما كان بيني وبينك من الشروط في دخول في هذا الامر.
فقال المأمون: إنما أريد بهذا، أن يرسخ في قلوب العامة والجند والشاكرية هذا الأمر فتطمئن قلوبهم ويقروا بما فضلك الله به، فلم يزل يرده الكلام في ذلك فلما ألح عليه قال: يا أمير المؤمنين إن أعفيتني من ذلك فهو أحب إلى، وإن لم تعفني خرجت كما كان يخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكما خرج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقال المأمون: أخرج كما تحب، وأمر المأمون القواد والناس أن يبكروا إلى باب أبي الحسن الرضا عليه السلام فقعد الناس لأبي الحسن الرضا عليه السلام في الطرقات والسطوح من الرجال والنساء والصبيان واجتمع القواد على باب الرضا عليه السلام.
فلما طلعت الشمس قام الرضا عليه السلام، فاغتسل وتعمم بعمامة بيضاء من قطن وألقى طرفا منها على صدره وطرفا بين كتفه وتشمر ثم قال لجميع مواليه: افعلوا مثل ما فعلت ثم أخذ بيده عكازة وخرج ونحن بين يديه وهو حاف قد شمر سراويله إلى نصف الساق وعليه ثياب مشمرة.
فلما قام ومشينا بين يديه رفع رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات، فخيل إلينا أن الهواء والحيطان تجاوبه والقواد والناس على الباب قد تزينوا ولبسوا