أن نبلغك الخصلة التي لم تزل إليها تائقا من الزهد والتخلي ليصح عند من شك في سعيك للآخرة دون الدنيا وتركك الدنيا، وما عن مثلك يستغني في حال ولا مثلك رد عن طلبه.
ولو أخرجتنا طلبتك عن شطر النعيم علينا فكيف نأمر، رفعت فيه المؤنة و أوجبت به الحجة على من كان يزعم أن دعاك إلينا للدنيا لا للآخرة وقد أجبناك إلى ما سئلت به وجعلنا ذلك لك مؤكدا بعهد الله وميثاقه الذي لا تبديل له ولا تغيير، وفوضنا الأمر في وقت ذلك إليك، فما أقمت فغريز مزاح العلة مدفوع عنك الدخول فيما تكرهه من الأعمال.
وكائنا ما كان نمنعك مما نمنع منه أنفسنا في الحالات كلها؟ وإذا أردت التخلي فمكرم مزاح البدن وحق لبدنك بالراحة والكرامة، ثم نعطيك مما تتناوله مما بدلناه لك في هذا الكتاب فتركته اليوم وجعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك، فنصف ما بذلناه من العطية وأهل ذلك، هو لك.
وبما بذل من نفسي في جهاد العتاة وفتح العراق مرتين وتفريق جموع الشيطان بيده حتى قوي الدنيا وخاض نيران الحروب ووقانا عذاب السموم بنفسه وأهل بيته ومن ساس من أولياء الحق، وأشهدنا الله وملائكة وخيار خلقه وكل من أعطانا بيعة و صفقة يمينه في هذا اليوم وبعده على ما في هذا الكتاب.
وجعلنا الله علينا كفيلا وأوجبنا على أنفسنا الوفاء بما اشترطنا من غير استثناء بشئ ينقضه في سر وعلانية والمؤمنون عند شروطهم، والعهد فرض مسؤول وأولى الناس بالوفاء من طلب من الناس الوفاء وكان موضعا للقدرة.
قال الله تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون.
وكتب الحسن بن سهل توقيع المأمون فيه: بسم الله الرحمن الرحيم قد أوجب