والحق مع علي يدور الحق معه حيث دار، والنصوص في ذلك كثيرة رواها الفريقين في كتبهم، وليس هنا محل البحث والتحقيق في هذا الموضوع، ونقول:
أما تمسك الشيعة بالعترة النبوية ومتابعتهم لهم عليهم السلام، والأخذ بأقوالهم و آرائهم، والاقتداء بسنتهم، والاهتداء بهداهم فللنصوص والاخبار التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم كحديث سفينة الذي أخرجه الحفاظ والأئمة بأسانيدهم بألفاظ منها:
إن أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق وهوى.
(حصر المذاهب في الأئمة الأربعة) وأما حصر المذاهب على الأئمة الأربعة كأبي حنيفة ومالك، والشافعي وأحمد ابن حنبل لا دليل عليه لا من جهة العقل ولا من جهة النقل والشرع، لأن هؤلاء الأئمة ظهروا في القرن الثاني والثالث ولا حجة لهم ولأتباعهم، وإنما ذلك الحصر نشأ من خلفاء بني العباس ومنعوا أن يفتي أحد إلا بقول أحد الأئمة الأربعة، ولا تأخذوا بقول أحد من أئمة أهل البيت عليهم السلام.
وهذا العمل من بني العباس نشأ من عداوتهم لأهل البيت عليهم السلام، وكان قصدهم من هذا الحصر أن يميلوا الناس إلى هؤلاء الأئمة، ولئلا يشتهر أئمة أهل البيت عند الناس فيميلوا إليهم ويأخذوا منهم الخلافة - والتواريخ ناطقة بهذا - وحاصل الأمر أن ارتفاع المذاهب وانخفاضها لم يكن لتمحيص أدلتها وطلب الصواب منها، بل كان لحاجة في نفوس الامراء والحكام والملوك.
ونرى كثيرا من أهل العلم والحديث وكذلك من الأمراء والحكام تركوا مذهبهم ودخلوا في مذهب من هذه المذاهب الأربعة، وذلك لأجل حطام الدنيا واجتذاب أموالها وكان إذا ملك أحد من الحنابلة أو من الشافعية أو من الأحناف دعى إليه من يعتقد مذهبه، وفوض إليه أمر القضاء والجماعات والفتوى، فعند ذلك مال إليه أهل الدنيا وترك مذهبه ودخل في مذهب الملك، أو قاضي القضاة، أو رئيس الرؤساء.