السلاح وتهيئوا بأحسن هيئة.
فلما طلعنا عليهم بهذه الصورة حفاة قد تشمرنا وطلع الرضا عليه السلام وقف وقفة على الباب قال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، على ما هدانا الله أكبر على مال رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا، ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا.
فتزعزعت مرو من البكاء والصياح، فقالها ثلث مرات، فسقط القواد عن دوابهم ورموا بخفافهم لما نظروا إلى أبى الحسن الرضا عليه السلام، وصارت مرو ضجة واحدة ولم يتمالك الناس من البكاء والضجيج، وكان أبو الحسن الرضا عليه السلام يمشي ويقف في كل عشر خطوات وقفة فكبر الله أربع مرات فتخيل إلينا أن السماء و الأرض والحيطان تجاوبه.
وبلغ المأمون ذلك، فقال له الفضل بن سهل ذو الرياستين: يا أمير المؤمنين إن بلغ الرضا المصلى على هذا السبيل افتتن به الناس، فالرأي أن تسأله أن يرجع فبعث إليه المأمون، فسئله الرجوع. فدعا أبو الحسن عليه السلام بخفه فلبسه ورجع (1).
عنه قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه قال: حدثني علي بن إبراهيم بن هاشم، عن الريان بن الصلت قال أكثر الناس في بيعة الرضا من القواد والعامة ومن لم يجب ذلك، وقالوا: إن هذا من تدبير الفضل بن سهل ذي الرياستين، فبلغ المأمون ذلك فبعث إلي في جوف الليل فصرت إليه فقال: يا ريان بلغني أن الناس يقولون: إن بيعة الرضا عليه السلام كانت من تدبير الفضل بن سهل، فقلت: يا أمير المؤمنين يقولون ذلك.
قال: ويحك يا ريان أيجسر أحد أن يجئ إلى خليفة وابن خليفة قد استقامت له الرعية والقواد واستوت له الخلافة فيقول له ادفع الخلافة من يدك إلى غيرك؟
أيجوز هذا في العقل قال: قلت له: لا والله يا أمير المؤمنين، ما يجسر على هذا أحد.