القتال ورمي المجانيق والنفط حتى درست محاسن بغداد، ودام حصارها خمسة عشر شهرا، ولحق غالب العباسيين وأركان الدولة بجند المأمون، ولم يبق مع الأمين إلا غوغاء بغداد فدخل طاهر بن الحسين بغداد بالسيف قهرا وقسرا، فخرج الأمين بأمه وأهله من القصر إلى مدينة المنصور وتفرق عامة جنده وغلمانه وقل عليهم القوت والماء، ثم اخذ وحبس في موضع فدخل عليه قوم من العجم ليلا فضربوه بالسيف ثم ذبحوه من قفاه وذهبوا برأسه إلى طاهر.
ثم أمر طاهر بالرأس فنصب على حائط بستان ونودي هذا رأس المخلوع محمد، وجرت جثته بحبل، ثم بعث طاهر بالرأس والبرد والقضيب والمصلى وهو من سعف مبطن إلى المأمون، ثم ظهرت حوادث وثورات في العراق والشام والحجاز، وكاد أن ينفصل أمر المأمون لاضطراب البلدان وقيام الطالبيين.
فعند ذلك كتب إلى الإمام الرضا عليه السلام وأرسل رجاء بن أبي الضحاك وأمره بإشخاص الرضا من المدينة إلى خراسان، وذكرنا مسيره عليه السلام من المدينة إلى مرو وما جرى له بين الطريق، ولما وصل الرضا عليه السلام مدينة مرو استقبله المأمون وأكرمه وبالغ في إكرامه وتبجيله وتعظيمه، وجرت بينهما أمور نذكرها في الأبواب الآتية إن شاء الله وانعقدت له عليه السلام مجالس متعددة في مرو مع المتكلمين والزنادقة وأصحاب المقالات وأرباب الديانات ذكرناها كلها مرتبة على الكتب والأبواب في مسنده الشريف.