روى المفسرون كلهم: إن قول الله تعالى: ومن الناس من يشري. الآية. نزلت في علي ليلة المبيت على الفراش. وروى الثعلبي في تفسيره: إن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد الهجرة إلى المدينة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه وأداء الودايع التي كانت عنده، وأمر ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه وقال له: اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ونم على فراشي فإنه لا يصل منهم إليك مكروه إنشاء الله تعالى ففعل ذلك علي عليه السلام فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة، فأوحى الله تعالى إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب؟
آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه. فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي:
بخ بخ من مثلك يا علي؟ يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة. فأنزل الله على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله. وقال ابن عباس: نزلت الآية في علي حين هرب - رسول الله - من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام على فراش النبي.
وحديث الثعلبي هذا رواه بطوله الغزالي في " إحياء العلوم " 3 ص 238، و الكنجي في " كفاية الطالب " ص 114، والصفوري في " نزهة المجالس " 2 ص 209 نقلا عن الحافظ النسفي. ورواه ابن الصباغ المالكي في فصوله ص 33، وسبط ابن الجوزي الحنفي في تذكرته ص 21، والشبلنجي في نور الأبصار ص 86، و في المصادر الثلاثة الأخيرة: قال ابن عباس: أنشدني أمير المؤمنين شعرا قاله في تلك الليلة:
وقيت بنفسي خير من وطئ الحصا * وأكرم خلق طاف بالبيت والحجر وبت أراعي منهم ما يسوءني * وقد صبرت نفسي على القتل والأسر وبات رسول الله في الغار آمنا * وما زال في حفظ الإله وفي الستر (1) ويوجد حديث ليلة المبيت في مسند أحمد 1 ص 348، تاريخ الطبري 2 - ص 99 - 101، الطبقات لابن سعد 1 ص 212، تاريخ اليعقوبي 2 ص 529 سيرة ابن هشام 2