أشعر أهل المدن وإنه فضل الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار. وشاعر النبي في أيامه صلى الله عليه وآله. وشاعر اليمن كلها في الاسلام. قال له النبي صلى الله عليه وآله: ما بقي من لسانك؟ فأخرج لسانه حتى قرع بطرفه طرف أرنبته ثم قال:
والله إني لو وضعته علي صخر لفلقه، أو على شعر لحلقه، وما يسرني به مقول من معد (1) وكان وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يضع له منبرا في مسجده الشريف يقوم عليه قائما ويفاخر عن رسول الله ويقول رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح أو فاخر عن رسول الله (2).
كانت الحالة على هذا في عهد النبي صلى الله عليه وآله، ولما توفي صلى الله عليه و وآله مر عمر على حسان وهو ينشد في المسجد فانتهره (3) فقال: أفي مسجد رسول الله تنشد؟ فقال: كنت أنشد وفيه من هو خير منك. ثم التفت إلى أبي هريرة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أجب عني، اللهم أيده بروح القدس؟
قال: نعم. قال أبو عبد الله الآبي المالكي في شرح صحيح مسلم 317: وهذا يدل على أن عمر رضي الله عنه كان يكره إنشاد الشعر في المسجد، وكان قد بنى رحبة خارجه وقال: من أراد أن يلغط أو ينشد شعر فليخرج إلى هذه الرحبة.
كل ذلك على خلاف ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله وفي وقته أفحمه حسان بما ذكر من قوله: لكن لا رأي لمن لا يطاع. وقبل حسان نهاه النبي صلى الله عليه وآله عن فكرته هذه وفهمه بما هناك من الغاية الدينية المتوخاة حين تعرض على عبد الله بن رواحة لما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يطوف البيت على بعير وعبد الله آخذ بغرزه وهو يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله * خلوا فكل الخير مع رسوله