85 قال دعبل: لما قلت: مدارس آيات. قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا وهو بخراسان ولي عهد المأمون فأحضرني المأمون وسألني عن خبري ثم قال لي:
يا دعبل؟ أنشدني - مدارس آيات خلت من تلاوة - فقلت: ما أعرفها يا أمير المؤمنين؟
فقال: يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام؟ فلم يكن إلا ساعة حتى حضر فقال له: يا أبا الحسن؟ سألت دعبلا من - مدارس آيات خلت من تلاوة - فذكر إنه لا يعرفها. فقال لي أبو الحسن: يا دعبل؟ أنشد أمير المؤمنين؟ فأخذت فيها فأنشدتها فاستحسنها فأمرني بخمسين ألف درهم. وأمر لي أبو الحسن الرضا بقريب من ذلك فقلت: يا سيدي؟ إن رأيت أن تهبني شيئا من ثيابك ليكون كفني. فقال:
نعم. ثم دفع لي قميصا قد ابتذله ومنشفة لطيفة، وقال لي: إحفظ هذا تحرس به.
ثم دفع ذو الرياستين أبو العباس الفضل بن سهل وزير المأمون صلة وحملني على برذون أصفر خراساني، وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس فأمر لي به ودعا بغيره جديد ولبسه وقال: إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين. قال:
فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه، ثم كررت راجعا إلى العراق فلما صرت في بعض الطريق خرج علينا الأكراد فأخذونا فكان ذلك اليوم يوما مطيرا فبقيت في قميص خلق وضر شديد متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة ومفكر في قول سيدي الرضا إذ مر بي واحد من الأكراد الحرامية تحته الفرس الأصفر الذي حملني عليه ذو الرياستين وعليه الممطر ووقف بالقرب مني ليجتمع إليه أصحابه وهو ينشد - مدارس آيات خلت من تلاوة - ويبكي فلما رأيت ذلك عجبت من لص من الأكراد يتشيع ثم طمعت في القميص والمنشفة فقلت: يا سيدي. لمن هذه القصيدة؟! فقال: وما أنت وذلك؟! ويلك. فقلت: لي فيه سبب أخبرك به. فقال: هي أشهر بصاحبها من أن تجهل. فقلت: من؟! قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيرا. قلت له: يا سيدي فأنا والله دعبل وهذه قصيدتي. الحديث.
وقال ص 86 بعد ذكر الحديث ما لفظه: فانظر إلى هذه المنقبة وما أعلاها و ما أشرفها وقد يقف على هذه القصة بعض الناس ممن يطالع هذا الكتاب ويقرأه فتدعوه نفسه إلى معرفة هذه الأبيات المعروفة ب مدارس آيات - ويشتهي الوقوف