وصدق بشعره رؤياه التي رواها عنه أبو الفرج والمرزباني في أخباره أنه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وآله في النوم وكأنه في حديقة سبخة فيها نخل طوال وإلى جانبها أرض كأنها الكافور ليس فيها شئ فقال: أتدري لمن هذا النخل؟! قلت: لا يا رسول الله؟ قال: لامرئ القيس بن حجر فاقلعها واغرسها في هذه الأرض. ففعلت.
وأتيت ابن سيرين فقصصت رؤياي عليه. فقال: أتقول الشعر؟ قلت: لا. قال: أما إنك ستقول شعرا مثل شعر امرئ القيس إلا أنك تقول في قوم بررة أطهار.
وكان كما قال أبو الفرج لا يخلو شعره من مدح بني هاشم أو ذم غيرهم ممن هو عنده ضد لهم. وروى عن الموصلي عن عمه قال: جمعت للسيد في بني هاشم ألفين وثلثمائة قصيدة فخلت أن قد استوعبت شعره حتى جلس إلي يوما رجل ذو أطمار رثة فسمعني أنشد شيئا من شعره فأنشدني به ثلاث قصايد لم تكن عندي فقلت في نفسي : لو كان هذا يعلم ما عندي كله ثم أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجبا فكيف وهو لا يعلم وإنما أنشد ما حضره، وعرفت حينئذ أن شعره ليس مما يدرك ولا يمكن جمعه كله. الأغاني 7 ص 236، 237.
قال أبو الفرج كان السيد يأتي الأعمش سليمان بن مهران - الكوفي المتوفى 148 - فيكتب عنه فضايل علي أمير المؤمنين سلام الله عليه ويخرج من عنده ويقول في تلك المعاني شعرا فخرج ذات يوم من عند بعض أمراء الكوفة قد حمله على فرس وخلع عليه فوقف بالكناسة ثم قال: يا معشر الكوفيين؟ من جاءني منكم بفضيلة لعلي بن أبي طالب لم أقل فيها شعرا أعطيته فرسي هذا وما علي. فجعلوا يحدثونه و ينشدهم حتى أتاه رجل منهم وقال: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه عزم على الركوب فلبس ثيابه وأراد لبس الخف فلبس أحد خفيه ثم أهوى إلى الآخر ليأخذه فانقض عقاب من السماء فحلق به ثم ألقاه فسقط منه أسود وإنساب فدخل جحرا فلبس علي عليه السلام الخف. قال: ولم يكن قال في ذلك شيئا ففكر هنيهة ثم قال:
ألا يا قوم للعجب العجاب * لخف أبي الحسين وللحباب م عدو من عداة الجن وغد * بعيد في المرادة من صواب