سيغني الله عنك. قال: أما إلى اليوم فلن يغن، فدعا معاوية عمرا وأمره بالخروج إلى الأشتر. فقال: أما إني لا أقول لك ما قال مروان. قال: فكيف تقول؟! وقد قدمتك وأخرته، وأدخلتك وأخرجته. قال: أما والله إن كنت فعلت لقد قدمتني كافيا، وأدخلتني ناصحا، وقد أكثر القوم عليك في أمر مصر وإن كان لا يرضيهم إلا أخذها فخذها، ثم قام فخرج في تلك الخيل فلقيه الأشتر أمام القوم وهو يقول:
يا ليت شعري كيف لي بعمرو؟ * ذاك الذي أوجبت فيه نذري ذاك الذي أطلبه بوتري * ذاك الذي فيه شفاء صدري ذاك الذي إن ألقه بعمري * تغلي به عند اللقاء قدري أجعله فيه طعام النسر * أولا فربي عاذري بعذري فلما سمع عمرو هذا الرجز وعرف أنه الأشتر فشل وجبن واستحى أن يرجع وأقبل نحو الصوت وقال:
يا ليت شعري كيف لي بمالك * كم جاهل خيبته وحارك (1) وفارس قتلته وفاتك * ومقدم آب بوجهه حالك (2) ما زلت دهري عرضة المهالك فغشيه الأشتر بالرمح فزاغ عنه عمرو فلم يصنع الرمح شيئا، ولوى عمرو عنان فرسه وجعل يده على وجهه وجعل يرجع راكضا نحو عسكره، فنادى غلام من يحصب:
يا عمرو؟ عليك العفا ما هبت الصبا.
كتاب صفين ص 233، شرح ابن أبي الحديد 2 ص 295.
ينبأك صدر هذا الحديث عن نفسيات أولئك المناضلين عن معاوية الدعاة إلى إمامته، ويعرب عن غايات تلك الفئة الباغية بنص النبي الأطهر إماما ومأموما في تلك الحرب الزبون، فما ينبغي لي أن أكتب عن إمام يكون مثل عمرو بن العاص شعاره، ومثل مروان بن الحكم نفسه؟؟!! وما يحق لك أن تعتقد في مأموم هذه محاوراته في معترك القتال مع إمامه المفترضة عليه طاعته - إن صحت الأحلام - ومشاغبته دون