ما بارز ابن أبي طالب رجلا قط إلا سقى الأرض من دمه. ثم انصرف معاوية راجعا حتى انتهى إلى آخر الصفوف وعمرو معه خرج علي عليه السلام ذات يوم في صفين منقطعا من خيله ومعه الأشتر يتسايران رويدا يطلبان التل ليقفا عليه وعلي يقول:
إني علي فسلوا لتخبروا * ثم أبرزوا إلى الوغا أو أدبروا سيفي حسام وسناني أزهر * منا النبي الطيب المطهر وحمزة الخير ومنا جعفر * له جناح في الجنان أخضر ذا أسد الله وفيه مفخر * هذا بهذا وابن هند محجر مذبذب مطرد مؤخر إذ برز له بسر بن أرطاة مقنعا في الحديد لا يعرف فناداه: أبرز إلي أبا حسن؟
فانحدر إليه على تؤدة (1) غير مكترث به حتى إذا قاربه طعنه وهو دارع فألقاه على الأرض، ومنع الدرع السنان أن يصل إليه، فاتقاه بسر بعورته وقصد أن يكشفها يستدفع بأسه، فانصرف عنه عليه السلام مستدبرا له فعرفه الأشتر حين سقط فقال: يا أمير المؤمنين؟
هذا بسر بن أرطاة هذا عدو الله وعدوك، فقال: دعه عليه لعنة الله، أبعد أن فعلها؟
فحمل ابن عم لبسر شاب على علي وهو يقول:
أرديت بسرا والغلام ثايره * أرديت شيخا غاب عنه ناصره وكلنا حام لبسر واتره فحمل عليه الأشتر وهو يقول:
أكل يوم رجل شيخ شاغره * وعورة تحت العجاج ظاهره تبرزها طعنة كف واتره * عمرو وبسر رميا بالفاقره فطعنه الأشتر فكسر صلبه، وقام بسر من طعنة علي وولت خيله، وناداه علي يا بسر؟ معاوية كان أحق بهذا منك. فرجع بسر إلى معاوية فقال له معاوية: إرفع طرفك قد أدال (2) الله عمرا منك. فقال في ذلك الحارث بن نضر السهمي: