وابن مردويه صريح في أنه (صلى الله عليه وآله) كان يخاف صحابته المسلمين الذين وصفهم بأنهم حديثو عهد بالجاهلية، ولو كان الذين يحذرهم كفرة لما وصفهم بهذا الوصف.
فتلخص أن نزول الآية المباركة في الغدير، وإن ما كان في ذلك اليوم دليل قطعي على الإمامة والخلافة لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعد رسول الله صلى عليه وآله وسلم بلا فصل، وأنه لم يكن ما أمر بتبليغه مجرد إيجاب مودة أمير المؤمنين (عليه السلام)، الأمر الذي فعله من ذي قبل مرارا وتكرارا، إما تصريحا باسمه وإما في ضمن إيجاب مودة أهل البيت وذوي القربى، من غير خوف وحذر، مع كون الصحابة أقرب عهدا بالكفر والجاهلية.
لا يقال: فإن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد بين أمر الخلافة قبل يوم الغدير، وعين أمير المؤمنين (عليه السلام) لها، فيلزم أن يكون المراد من الرسالة غيرها.
لأن الغرض إثبات أن الأمر الذي أمر (صلى الله عليه وآله) بتبليغه في غاية العظمة والأهمية، ولا يتصور غير الإمامة والخلافة أمر آخر بهذه المثابة، بحيث يخاف من تكذيب الصحابة، وإن تبليغ هذا الأمر العظيم من ذي قبل لا ينافي تبليغه والتأكيد عليه في حجة الوداع وفي يوم الغدير، مع أمور جديدة لم تقع من قبل، وهي استخلافه " ص " لعلي والتنصيص على ذلك، وأخذ البيعة على خلافته قرب وفاته وفي هذا المشهد العظيم المنقطع النظير.