____________________
وقال الشيخ المفيد رحمه الله: إن الإرادة من الله جل اسمه نفس الفعل، ومن الخلق الضمير وأشباهه مما لا يجوز إلا على ذوي الحاجة والنقص، وذلك لان العقول شاهدة بأن القصد لا يكون إلا بقلب، كما لا تكون الشهوة والمحبة إلا لذي قلب، ولا تصح النية والضمير والعزم إلا على ذي خاطر يضطر معها في الفعل الذي يغلب عليه إلى الإرادة له والنية فيه والعزم، ولما كان الله تعالى يجل عن الحاجات، ويستحيل عليه الوصف بالجوارح والأدوات، ولا يجوز عليه الدواعي والخطرات، بطل أن يكون محتاجا في الافعال إلى القصود والعزمات، وثبت أن وصفه بالإرادة مخالف في معناه لوصف العباد، وأنها نفس فعله الأشياء، وبذلك جاء الخبر عن أئمة الهدى، وروى هذا الخبر.
ثم قال: هذا نص على اختياري في الإرادة، وفيه نص على مذهب لي آخر، وهو أن إرادة العبد يكون قبل فعله، وإلى هذا ذهب البلخي، والقول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل، وقوله: (إن الإرادة من الخلق الضمير ويبدو لهم بعد الفعل) صريح في وجوب تقدمها للفعل، إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها، ولو كان الامر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل بادئا في حالها، ولم يتأخر بدوه إلى الحال التي هي بعد حالها (1).
ثم قال: هذا نص على اختياري في الإرادة، وفيه نص على مذهب لي آخر، وهو أن إرادة العبد يكون قبل فعله، وإلى هذا ذهب البلخي، والقول في تقدم الإرادة للمراد كالقول في تقدم القدرة للفعل، وقوله: (إن الإرادة من الخلق الضمير ويبدو لهم بعد الفعل) صريح في وجوب تقدمها للفعل، إذ كان الفعل يبدو من العبد بعدها، ولو كان الامر فيها على مذهب الجبائي لكان الفعل بادئا في حالها، ولم يتأخر بدوه إلى الحال التي هي بعد حالها (1).