الظهر فقطعنا الكلام، ثم عدنا إلى المباحثة يوما آخر وكنت في بلاده ثلاثة أشهر تقريبا على هذا الحال، فما رأيت أحدا أفهم منه ولا أفصح منه لسانا.
وأما في جانب الكرم وإمداد العلماء والفقراء، فحاله فيه مشهور، ولما استأذنا منه على السفر إلى أصفهان أحسن الينا غاية الاحسان، فلما سافرنا إلى أصفهان، فانظر إلى ما جرى علي في الطريق، وهو أننا لما وصلنا إلى منزل قبل منزل كنار سقاوه نزلنا في منزل وكان في غاية النزاهة من جهة الماء الجاري والأشجار والأنهار، فحصل لنا نهاية الانتعاش، فقلت في خاطري: أعوذ بالله من فرح هذا اليوم، لأني عودت روحي أن أفرح اليوم ألقى بعده حزنا طويلا، فلما جاء وقت الركوب ركبنا فانتهينا إلى بقعة في كنار سقاوة، وكان معنا رفقاء يمشون وواحد منهم أطرش، فلما تقدمنا جلس في وسط الطريق تحت صخرة، فجئت أنا وأخي ونحن ركوب، فلما وصلت الخيل إليه فاجأها بالقيام فنفرت ونحن لا نعلم، فألقتني الدابة على صخرة عظيمة، فلما أفقت رأيت أن يدي اليسرى قد عرض لها الصدع العظيم، فأتاني الرفقاء وشدوها وبقيت إلى أصفهان كل يوم يمر علي في تلك الحال يصلح أن يكون كفارة لذنوب مائة سنة.
فوصلنا إلى أصفهان وجلست في حجرتي في مدرسة ميرزا تقي دولت آبادي، وبقيت أعالج يدي، فبقيت مدة خمسة أشهر، فلما صارت طيبة في الجملة عرض لي ألم في بدني، فصرت لا أشعر، وقد عاينت الموت، وفي وقت معاينته كنت مسرورا به من توفيقات الله سبحانه، فبقيت على هذا مدة.
ولما شافاني الله من ذلك الألم عرض لأخي المرحوم ألم الحمى، فبقي حتى انجر إلى الاسهال، فمضى إلى رحمة الله تعالى ليلة الجمعة أول شهر شعبان غريبا، فبقي ألمه في قلبي إلى هذا اليوم وإلى الموت، والله ما أسلوه حتى انطوى تحت التراب ويحتويني الجندل، وقد توفى تغمده الله برحمته سنة التاسعة والسبعين بعد الألف، وهذه السنة عام التاسع والثمانين بعد الألف، وما مضت ليلة إلا ورأيته في المنام على أحسن هيئة، وأما في النهار فكتبه قدامي أطالع بها وأنظرها، وكلما رأيت كتابا منها تجددت مصائبي عليه، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
فبقيت بعده في أصفهان حيرانا تايها في بحار الهموم، فتفكرت وقلت: ليس لمثل هذه المصائب دواء إلا الوصول لزيارة مولاي الرضا عليه السلام، فسافرت، فلما وصلنا كاشان