قيمتها أقل من الفلس.
فلما صلينا الصبح قلنا له: نروح إلى الزيارة قال: لا حتى تأكلوا الضيافة من عندي، فقلنا له: نحن معنا من الخبز واللحم ما يكفينا، فقال: لا يكون هذا، فبعد ساعة قدم الينا جفنة من الخشب كبيرة وفيها ماء أسود لا ندري ما يكون تحته وفيها خواشيق، فقلنا:
هذا أي شئ؟ فقال: مدوا أيديكم، فمددنا أيدينا وكان ذلك الماء حارا، فمددنا الخواشيق، فقصرت عن الوصول إلى قعر الجفنة، فمددنا بعض أيدينا وتناولنا بالخواشيق ما في قعر الجفنة، فكان حبات ارزة، وكان قد غلاها مع ذلك الماء، فشربنا كل واحد خاشوقة وقمنا للزيارة، فقال لنا ذلك السيد المبارك: اعلموا يا ضيفاني ان سادة سامرا ليس لهم خوف من الله ولا حياء، فإذا دخلتم قبة الإمام عليه السلام اخذوا ثيابكم ولكنكم أكلتم ملحي، فأنا أنصحكم أن تجعلوا ما عندكم من الثياب الجديدة عندي في منزلي وخذوا خلقان ثيابكم حتى لو اخذت منكم ترجعون إلى هذه الثياب، فاستعقل كلامه أصحابنا ووضعوا ثيابهم عنده، وأما أنا فقلت: قد أصابني البرد هذه البارحة، فلبست ثيابي واحدا فوق الآخر.
فلما مضينا إلى الزيارة أخذوا منا في الباب الأول من كل واحد أربع محمديات، فلما وصلنا الباب الثاني أخذوا منا أيضا، فزرنا موالينا وأتينا إلى السرداب، فلما نزلنا إليه أحاطوا بنا تحت الأرض، فأخذوا ما أرادوا، وكأني أرى طرف ميزر واحد من أصحابي في يده، والطرف الآخر في يد رجل سيد من السادة، فأخذه السيد وبقي صاحبي مكشوف الرأس.
فأتينا إلى منزل صاحبنا فقلنا له: هات الثياب، فقال: أولا حاسبوني على حقوقي وادفعوها إلي، فقلنا: هكذا يكون فأحسبها أنت، فقال: الأول حق الاستقبال، فقلنا له: هذا حق واضح، فقال: لخواطركم كل واحد محمديتين فأخذ منا، ثم قال: حق المنزل البارحة فأخذ حقه.
ثم قال: حق الحطب، فأخذ من كل واحد نصف محمدية، ثم قال: حق المرأة التي أتت به فأخذ ما أراد، ثم قال: والحق الأعظم حق الضيافة وهو من كل واحد محمدية فأخذ ذلك الحق، ثم قال حق الحماية وهو أنكم في منزلي ولولاه كان السادة أخذوا ما معكم، فأخذ ذلك الحق، فقال: حق المشايعة فأخذه، فلما قبض الحقوق كلها قلنا له: