البصرة، وأتيت أنا معه إلى الجزائر، وكان شهر رمضان، فبقيت عند أهلي أربعة أيام، وركبت أنا وذلك الرجل في سفينة وقصدنا البصرة، فلما ركبت السفينة من غير خبر من أهلي ظننت أن والدي يطلبني، فقلت لأهل السفينة: أخلع ثيابي وأنزل الماء وأقبض سكان السفينة والسفينة تجري، فكنت في الماء والسفينة تسير حتى لا يراني أحد، فلما آيست من الطلب ركبت في السفينة.
وفي أثناء الطريق رأينا جماعة على جرف الشط ونحن في وسطه، فصاح لهم ذلك الشيخ وقال: أنتم من الشيعة أم من السنة؟ فقالوا: نحن من السنة، فقال لعن الله [ فلان وأبا زينب وفلان أتعرفون أن أبا زينب خ ل] عمر وأبا بكر وعثمان أتعرفون ان عمر كان مخنثا، فصاحوا عليه بالشتم واللعن، فضجوا أهل السفينة عليهم، والسفينة تجري وتلك الجماعة على جرف الشط يمشون ويرموننا بالحجارة، فبقينا على هذا الحال معهم نصف نهار، فمضينا إلى البصرة وكان سلطانها في ذلك الوقت حسين باشا، فبقينا فيها نقرأ عند رجل فاضل من أجلاء السادة، فبقينا مده قليلة.
ثم إن والدي (ره) تبعنا، فأتى ليأخذنا إلى الجزائر، فأظهرنا له الرغبة إلى ما أراد، فأتينا إلى سفينة واستأجرنا مكانا فيها من غير خبر والدي، فركبنا فيها وسافرنا إلى شيراز، فخرجنا من السفينة إلى بندر حماد، واستأجرت أنا وأخي دابة واحدة لقلة ما عندنا من الدراهم، وذلك الطريق صعب جدا من جهة الجبال، فقطعت تلك الجبال كلها وأنا حافي الاقدام، وكان عمري في ذلك اليوم يقارب الإحدى عشرة سنة، فوصلنا إلى شيراز صلاة الصبح، فمضينا إلى بيت ذلك الشيخ الذي كان معنا، وكان منزله بعيدا من مدرسة المنصورية، ونحن كنا نريد السكنى فيها، لان بعض أقاربنا كان فيها، فقال لنا ذلك الشيخ: خذوا الطريق واسألوا وقولوا مدرسة المنصورية (ميخواهيم) ومعناه بالعربية نريدها، فمضينا نمشي فحفظت أنا كلمة وأخي كلمة أخرى، فكنا إذا سألنا قال أحدنا مدرسة المنصورية قال الآخر (ميخواهيم) فوصلنا إلى تلك المدرسة، فجلست أنا في الباب ودخل أخي إليها، فكان كل من يخرج من طلبة العلم ويراني يرق لحالي وما أصابني من آثار التعب.
فلما وجدنا صديقنا قعدنا معه في حجرته، وأخذنا في اليوم الآخر لزيارة رجل فاضل وهو الشيخ البحراني، فكان يدرس في شرح ألفية ابن مالك، فسلمنا عليه وأمر لنا