نور البراهين - السيد نعمة الله الجزائري - ج ١ - الصفحة ١٦٣

____________________
بالرياضات البدنية وقطع العلائق النفسانية حتى حصلوا على مرتبة الفناء في الله، وحملوا عليه ما ورد في الحديث القدسي من قوله عز شأنه: إذا تقرب عبدي إلي بالنوافل كنت سمعه الذي به يسمع، ويده التي بها يبطش، ورجله التي بها يمشي، الحديث.
ومنهم: من قال بحلوله في الأجسام، ويعبرون عن هذا بوحدة الوجود أو الموجود، وربما فرقوا بينهما، وسئل بعضهم عن معنى وحدة الوجود، فقال:
معناها تحويل الأصل الواحد إلى أمثلة مختلفة لمعان مقصودة لا تحصل إلا بها، ومراده أن المصدر موجود في ضمن جميع المشتقات وتزيد عليه معان أخرى، وبعضهم ترقى من هذه الحظيرة، فقال: معناها أنه لا موجود سوى الله وباقي الممكنات: إما كالمثل الأفلاطونية وسائط بين الوجود والعدم، أو أنها داخلة تحت المعدومات.
وقد حققه العلامة الدواني في الزوراء حيث قال: المعلول ليس إلا اعتباريا محضا، إن اعتبر من حيث نسبته إلى العلة على النحو الذي انتسب إليها، كان له تحقق، وإن اعتبر ذاتا مستقلا، كان معدوما بل ممتنعا، ثم شبهه بالسواد إن اعتبر من حيث هو على النحو الذي هو في الجسم أعني أنه هيئة للجسم، كان موجودا، وإن اعتبر على أنه ذات مستقلة كان معدوما بل ممتنعا، والثوب إن اعتبر صورة في القطن كان موجودا، وإن اعتبر مباينا للقطن كان ذاتا على حياله كان ممتنعا من تلك الحيثية، فاجعل ذلك مقياسا لجميع الحقائق، تعرف قول من قال: الأعيان الثابتة ما شمت رائحة الوجود وإنها لم تظهر ولا تظهر أبدا بل إنما يظهر رسمها (1). انتهى.
وهو لا ينافي قوانين الشريعة، وبعضهم قال: بحلوله سبحانه في الصور

(1) رسالة الزوراء للمحقق الدواني ص 82 ط أصفهان.
(١٦٣)
مفاتيح البحث: مدينة إصفهان (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»
الفهرست