ذروا هذه الروح حتى تفيق فقد خرجت من كرب عظيم، وإذا هو استراح أقبلوا عليه يسائلونه ويقولون: ما فعل فلان وفلان؟ فإن كان قد مات بكوا واسترجعوا ويقولون:
ذهبت به أمه الهاوية فإنا لله وإنا إليه راجعون، قال: فيقول الله: ردوها عليه، فمنها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فإذا حمل سريره حملت نعشه الملائكة واندفعوا به اندفاعا والشياطين سماطين ينظرون من بعيد ليس لهم عليه سلطان ولا سبيل، فإذا بلغوا به القبر توثبت إليه بقاع الأرض كالرياض الخضر، فقالت كل بقعة منها: اللهم اجعله في بطني، قال: فيجاء به حتى يوضع في الحفرة التي قضاها الله له، فإذا وضع في لحده مثل له أبوه وأمه وزوجته وولده وإخوانه، (1) قال: فيقول لزوجته: ما يبكيك؟ قال: فتقول، لفقدك، تركتنا معولين، قال فتجئ صورة حسنة قال: فيقول: ما أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، أنا لك اليوم حصن حصين وجنة و سلاح بأمر الله قال: فيقول: أما والله لو علمت أنك في هذا المكان لنصبت نفسي لك، وما غرني مالي وولدي، قال: فيقول: يا ولي الله ابشر بالخير، فوالله إنه ليسمع خفق نعال القوم إذا رجعوا، ونفضهم أيديهم من التراب إذا فرغوا، قد رد عليه روحه وما علموا، قال:
فيقول له الأرض: مرحبا يا ولي الله، مرحبا بك، أما والله لقد كنت أحبك وأنت على متني، (2) فأنا لك اليوم أشد حبا إذا أنت في بطني، أما وعزة ربي لأحسنن جوارك ولأبردن مضجعك، ولأوسعن مدخلك، إنما أنا روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار، قال: ثم يبعث الله إليه ملكا فيضرب بجناحيه عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه فيوسع له من كل طريقة أربعين (فرسخا ظ) نورا، فإذا قبره مستدير بالنور، قال: ثم يدخل عليه منكر ونكير وهما ملكان أسودان، يبحثان القبر بأنيابهما، ويطئان في شعورهما، حدقتاهما مثل قدر النحاس، و