تأتيني بالمنافقين رجلا رجلا.
قال حذيفة: لم أزل أخرجهم من أوطانهم، فجمعتهم في منزل النبي صلى الله عليه وآله وحول منزله حتى جمعت مائة رجل واثنين وسبعين رجلا، ليس فيهم رجل يؤمن بالله ولا يقر بنبوة رسوله.
قال: فأقبل النبي على علي عليه السلام وقال: احمل الصحفة إلى القوم.
قال علي: فأتيت لأحمل الصحفة فلم أقدر عليها، فاستعنت بأخي جعفر (1) وبأخي عقيل عليهما السلام فلم نقدر عليها، فلم يزل يتكامل حول الجفنة إلى أن صرنا أربعين رجلا فلم نقدر عليها، والنبي صلى الله عليه وآله قائم على باب الحجرة ينظر إلينا ويتبسم، فلما أن علم أن لا طاقة لنا بها قال: تباعدوا عنها، فتباعد الناس وطرح النبي صلى الله عليه وآله ذيله على عاتقه وجعل كفه تحت الصحفة، وشالها إلى منكبه وجعل يمر بها كما يقلع صخار ينحدر من صبيب، فوضع الصحفة بين يدي المنافقين وكشف الغطاء عنها، فازدحموا يأكلون حتى تضلعوا شبعا والصحفة على حالها لم ينقص منها ولا خردلة واحدة ببركة رسول الله صلى الله عليه وآله، فلما نظر المنافقون إلى ذلك قال بعضهم لبعض وأقبل الأصاغر على الأكابر وقالوا: لأجزيتم عنا خيرا أنتم صددتمونا عن الهدى بعد إذ جائنا ما تصدون عن دين محمد صلى الله عليه وآله ولا بيان أوثق مما رأيناه ولا شرح أوضح مما سمعنا، وأنكر الأكابر على الأصاغر، فقالوا لهم: لا تعجبوا من هذا على الأصاغر قليل من سحر محمد.
فلما بلغ النبي صلى الله عليه وآله مقالتهم حزن حزنا شديدا، ثم أقبل عليهم فقالوا: كلوا لا أشبع الله بطونكم، فكان الرجل منهم يلقهم اللقمة من الصحفة