ويهوي بها إلى فيه فيلوكها لوكا شديدا يمينا وشمالا حتى إذا هم أن يبلعها خرجت اللقمة من فيه كأنها حجر، فلما طال ذلك عليهم ضجوا بالبكاء والنحيب وقالوا: يا محمد.
قال النبي: يا محمد.
قالوا: يا أبا القاسم.
قال النبي: يا أبا القاسم.
قالوا: يا رسول الله.
قال: وكان إذا نودي بالنبوة أجاب التلبية، فقال النبي: ما الذي تريدون؟
قالوا: يا محمد، التوبة التوبة، ما نعود يا محمد في نفاقنا أبدا.
فقام النبي قائما على قدميه، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم إن كانوا صادقين فتب عليهم وإلا فأرني فيهم آية لا تكون مسخا ولا قردة لأنه رحيم بأمته.
قال: فما أشبه ذلك اليوم إلا بيوم القيامة كما قال الله عز وجل:
* (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) * (1) فأما من آمن بالنبي صار وجهه الشمس عند ضيائها، وكالقمر في نوره، وأما من كفر من المنافقين والتقلب إلى النفاق والشقاق فازدادت وجوههم سوادا عليهم غبرة ترهقها قترة اثنين وسبعين رجلا، فاستبشر النبي بإيمان من آمن، وقال: هدى الله هؤلاء ببركة علي وفاطمة عليهما السلام، وخرج المؤمنون يتعجبون من بركة الصحفة ومن أكل منها من الناس، فأنشد أبو رواحة شعرا [منه:
نبيكم خير النبيين كلهم * كمثل سليمان يكلمه النمل] (2)