ثم قال (1): أين أبو ذر؟
فأجاب: لبيك يا رسول الله.
فلما مثلوا بين يديه، قال: انطلقوا بأجمعكم فقوموا في (2) جنبات المدينة، وأجمعوا المهاجرين والأنصار والمسلمين فانطلقوا لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله [فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله] (3) فجلس على أعلى درجة من منبره.
فلما حشد (4) المسجد بأهله، قام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه، فقال: الحمد لله الذي رفع السماء فبناها، وبسط الأرض فدحاها، فأثبتها بالجبال فأرساها، (أخرج منها ماءها ومرعاها، الذي تعاظم عن صفات الواصفين) (5)، وتجلل عن تحبير لغات الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني نقمة للكافرين، ورحمة (ورأفة) (6) للمؤمنين، عباد الله إنكم في دار أمل عدو أجل وصحة وعلل، دار زوال وتقلب أحوال (7) جعلت سببا للارتحال، فرحم الله امرء قصر من أمله، وجد في عمله، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوته [فقدمه] (8) ليوم فاقته، يوم تحشر فيه الأموات، وتخشع له (9) الأصوات، وتنكر (10) الأولاد والأمهات، * (وترى الناس سكارى