قال ابن البطريق: وكان العذر في [عدم] قتل من خرج من أصحابه بصفين عن أمره ما علم من خروج المؤمنين من أصلابهم فإنه كانت تعرف به الفتن كما تقدم في الخبر وقتل الخوارج لعلمه أنه لا مؤمن فيهم كما أعلم الله نوحا بعدم إيمان قومه، فدعا عليهم، هذا.
ولما انقضت الحال من صفين توجه عمرو إلى مصر في جيش فأخذ محمد بن أبي بكر بغير قتال فقتله وحشى جثته في جوف حمار ميت وأحرقه.
تذنيب أورد الشهيد محمد بن النيشابوري عن الشافعي عن رجاء الكندي أن عمرا سأل معاوية حاجة فقضاها سريعا فشكره، فقال: لو شكرتني على إحساني لشغلك عن أمورك، فرفع عمرو صوته وقال: يدي عليك تعلو جميع أياديك لأني أبطلت حقا لأجلك، وسخرت الناس لإطفاء نور غيرك، وأنت لعين ابن لعين، طليق ابن طليق، وثن ابن وثن، حتى خلت أني لو لقيت ربي بأحسن أعمال العاملين، لم ينجني من النار، وصرفت لك سيد العرب وأنت في قعر جب يابس آيسا من كل خير متوقعا لكل شر، فقال معاوية: ما تركت بابا إلا فتحته، ولا وكاء إلا حللته، الويل لك والويل منك ثم افترقا فأنشأ عمرو: معاوية الخال لا تنس لي الأبيات وقد سلف في آخر الباب الثاني عشر طرف من ذلك.
وأما الخوارج فقد ظهر فيهم علامة المروق من الدين، بقتل ذي الثدية رأس المضلين، كما أخبر سيد المرسلين، عليا أمير المؤمنين.
تذنيب قال الجاحظ: لا فضيلة لعلي في قتال الفرق الثلاثة حيث أخبره النبي صلى الله عليه وآله بالنصرة عليهم والسلامة منهم قلنا: أول ما فيه أنه وثق بقول النبي صلى الله عليه وآله بخلاف من شك فيه، وقد روى الخصم أنه أعلمه بأنه الخليفة من بعده، حيث أسر ذلك إلى ابنته، ولم يقدم على قتل أحد، بل كان في النظارة في بدر واحد، وثانيا أن النبي صلى الله عليه وآله مدحه على ذلك، وما ذكره الجاحظ يجعل المدح عبثا والجد هزلا