قالوا: لما قتله ابن جرموز قال علي قال النبي صلى الله عليه وآله: بشروا قاتل ابن صفية بالنار، قلنا: قتل الكافر قد يوجب النار، كما في قتل المعاهد، والقتل غيلة والقتل للسمعة، والقتل المزبور علامة الفجور، وابن الجرموز آمن الزبير، ثم اغتاله، وقد كان أيضا مع عائشة فلما رأى الدائرة عليهم اعتزلهم، وقد كان علي نادى لا يتبع مدبر، فتبعه وقتله، فاستحق النار بمخالفته، وقد جاهد قزمان يوم أحد فاثني عليه بحضرة النبي صلى الله عليه وآله فقال: إنه من أهل النار، فكشف عن حاله فلم يجدوه قاتل إلا لأحساب قومه (1) أقر بذلك قبل موته.
إن قيل: فلم لا يكون في بشراه قاتله بالنار إيماء إلى العلة فيكون المعلول مؤمنا؟ قلنا: ليس في ذلك شئ من أدوات العلة، وجواز كون البشارة لجواز توهم ثواب قاتله من حيث إنه قتل رأس الفتنة فأراد النبي صلى الله عليه وآله الإخبار عن معاقبته أنه معاقب بخاتمة عمله، كما قد يخبر عمن ظاهره الفساد أنه مثاب نظرا إلى خاتمته وهذا شئ معروف. فهذه قطره من بغيهم وغوايتهم، ونزرة من ميلهم وعداوتهم انتصرنا عليهم بعد العثور على جملة منها، لو شرحناها لطال كتابنا.
ومن أحسن ما قيل في هذه القصة ونحوها قول رجل من بني سعد:
صنتم حلائلكم وقدتم أمكم * فهذا لعمري قلة الإنصاف أمرت بجر ذيولها في بيتها * فهوت تجوب البيد بالأسجاف