نفس تعف وأخرى الحرص يغلبها * والمرء يأكل تبنا وهو غرثان أما عليا فدين ليس يشركه * دنيا وذاك له دنيا وسلطان فاخترت من طمع دنيا على بصر * وما معي بالذي اخترت برهان إني لأعرف ما فيها وأبصره * وفي أيضا لما أهواه ألوان لكن نفسي تحب العيش في شرف * وليس يرضى بذل النفس إنسان ثم رحل إلى معاوية وكان الحرب، وقال فيه شاعر:
قد باع عمرو دينه بمصر * مبدلا إيمانه بكفر ثم خدع الأشعري في التحكيم، وقيل: إنما كان ذلك عن علم منه كما قال ابنه أبو بردة فيه:
أنا بن مشتت الاسلام * لما صير الحكما أزل عن الورى علما * وأنصب للورى صنما ولم يخدع كما زعموا * ولكن كان متهما ولقد قال له عمرو: أنت كالكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث، وقال الأشعري له: أنت كالحمار يحمل أسفارا، ولعمري إنهما صادقان، وقد أخرج البخاري في الشيطان لقد صدقك وهو كذوب.
وقد أسند الخوارزمي في مناقبه أن حريثا مولى معاوية كان بطلا عظيما يلبس سلاح معاوية، ويقاتل، فتظنه الناس معاوية، وكان يتمنى مبارزة علي عليه السلام فنهاه معاوية فخلا به عمرو وقال: إنما نهاك كراهة أن يقتل غلامه ابن عمه، فإن وجدت فرصة فاقتحم فإنها أحظى لك، فخرج فبرز إليه علي عليه السلام فقالوا: تبرز إلى هذا الكلب؟ فقال: والله إنه لأعظم عناء عندي من معاوية فقتله، فشق على معاوية فقال لعمرو: ما أنصفته حين أمرته بأمر كرهته لنفسك ثم أنشأ:
حريث ألم تعلم وعلمك صائر * بأن عليا للفوارس قاهر وأن عليا لا يبارز فارسا * من الناس إلا أحرزته الأظافر أمرتك أمرا حازما فعصيتني * فجدك إن لم تقبل النصح عاثر