مذهب النظام على خلاف ما حكيناه، ما شهد به الجاحظ عليه وحكاه عنه نصا لا يشوبه شك ولا ارتياب، وذلك أنه قال: وكان إبراهيم من أشد الناس قولا في الروافض لبغضهم أبا بكر وعمر وأبا عبيدة، وأشد الناس قولا في الخوارج لبغضهم عليا - عليه السلام - وعثمان وطلحة والزبير وعائشة، ومن أشد الناس قولا في المعتزلة لبغضهم سعدا وابن عمر ومحمد بن مسلمة وأسامة بن زيد وزيد بن ثابت وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وجميع من كان لا يرى قتال الفئة الباغية ويقول:
كن عند الله المقتول ولا تكن القاتل. فإذا صار إلى القول في أصول الفتيا، انتظم جميع المعاني المعيبة عنده والمذهب الذي كان يسخطه من غيره.
ولو كان له من يثيره ويسائله لكشف منه ما كان مستورا ولأظهر من تناقض مذهبه ما يسقط قدره ويحط منه، ولكن أصحابه لم يكونوا أصحاب أخبار وآثار وأحكام وفتيا وكانت " المداخلة " إليهم أعجب من علم القرآن، و " الطفرة " أبلغ عندهم من علم الأحكام، وبئس المذهب لعمر الله اجتبى لنفسه واختار لدينه، وسنقول عند الرد عليه بالذي يجب إن شاء الله.
قال الشيخ أيده الله: فأيما أولى بنا الآن أن نصدق على النظام قوله على نفسه وإخباره عن مذهبه وصريح لفظه الدال على مراده وحكاية صاحبه، الجاحظ عمرو بن بحر عنه أو تصديق هؤلاء النفر المتعصبين بالباطل الحاملين أنفسهم على البهت والعناد والخصومة واللجاج؟ وكيف يحسن مناظرة من ركب هذا المركب في الوقاحة والمكابرة لولا أن قوما من الضعفة الذين لا معرفة لهم بالمقالات ولم يطلعوا على المذاهب ولا عنوا بقراءة الكتب على المشايخ فالتبس عليهم هذا المقال؟