عز وجل: * (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) * (1) فلو كان الرجل مؤمنا لجرى مجرى المؤمنين في عموم السكينة لهم، ولولا أنه أحدث بحزنه في الغار منكرا لأجله توجه النهي إليه عن استدامته، لما حرمه الله تعالى من السكينة ما تفضل به على غيره من المؤمنين الذين كانوا مع رسول الله (ص) في المواطن الأخرى على ما جاء في القرآن ونطق به محكم الذكر بالبيان، وهذا بين لمن تأمله.
قال الشيخ أيده الله: وقد حير هذا الكلام جماعة من الناصبة وضيق عليهم صدورهم فتشعبوا واختلفوا في الحيلة للتخلص منه فما اعتمد منهم أحد إلا على ما يدل على ضعف عقله وسخف رأيه وضلاله عن الطريق، فقال قوم منهم: إن السكينة إنما نزلت على أبي بكر واعتلوا في ذلك بأنه كان خائفا رعبا ورسول الله (ص) كان آمنا مطمئنا وقالوا: والآمن غني عن السكينة وإنما يحتاج إليها الخائف الوجل.
قال الشيخ أدام الله عزه: فيقال لهم: قد جنيتم بجهلكم على أنفسكم وطعنتم على كتاب الله عز وجل بهذا الضيف الواهي من استدلالكم، وذلك أنه لو كان ما اعتللتم به صحيحا لوجب أن لا تكون السكينة نزلت على رسول الله (ص) في يوم بدر ولا في يوم حنين لأنه لم يكن (ص) في هذين الموطنين خائفا ولا رعبا ولا جزعا بل كان آمنا مطمئنا متيقنا بكون الفتح له وأن الله عز وجل يظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وفيما نطق به القرآن من نزول السكينة عليه ما يدمر على هذا الاعتلال.
فإن قلتم: إن النبي (ص) كان في هذين المقامين خائفا وإن لم يبد خوفه