تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون) * (1) وقال جل جلاله:
* (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا) * (2)، * (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون) * (3).
ثم قال سبحانه بعد أن أنبأه عنهم في الجملة * (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم ي لحن القول) * (4) فدله عليهم بمقالهم وجعل الطريق إلى معرفتهم ما يظهر من نفاقهم في لحن قولهم، ثم أمره بمشورتهم ليصل بما يظهر منهم إلى علم باطنهم، فإن الناصح تبدو نصيحته في مشورته، والغاش المنافق يظهر ذلك في مقاله، فاستشارهم (ص) لذلك، ولأن الله جل جلاله جعل مشورتهم الطريق إلى معرفتهم.
ألا ترى أنهم لما أشاروا ببدر عليه (ص) في الأسرى فصدرت مشورتهم عن نيات مشوبة في نصيحته كشف الله تعالى ذلك له وذمهم عليه وأبان عن إدغالهم فيه، فقال جل وتعالى * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) * (5) فوجه التوبيخ إليهم والتعنيف على رأيهم وأبان لرسوله (ص) عن حالهم فيعلم أن المشورة لهم لم تكن للفقر إلى آرائهم وإنما كانت لما ذكرناه.