عليه لأن في ظاهره حقيقة النهي من قوله: لا تفعل، كما أن في ظاهر خلافه ومقابله في الكلام حقيقة الأمر إذا قال له: افعل لكني عدلت عن الظاهر، في مثل هذا لدلالة عقلية أوجبت علي العدول عنه كما توجب الدلالة على المرور مع الظاهر عند عدم الدليل الصارف عنه وهي ما ثبت من عصمة الأنبياء - عليهم السلام - التي تنبئ عن اجتنابهم الآثام.
وإذا كان الاتفاق حاصلا على أن أبا بكر لم يكن معصوما كعصمة الأنبياء وجب أن يجري كلام الله تعالى فيما ضمنه من قصته على ظاهر النهي وحقيقته وقبح الحال التي كان عليها، فتوجه النهي إليه عن استدامتها، إذ لا صارف يصرف عن ذلك من عصمة ولا خبر عن الله تعالى فيه ولا عن رسوله (ص)، فقد بطل ما أورده الخياط وهو في الحقيقة رئيس المعتزلة وبان وهن اعتماده.
ويكشف عن صحة ما ذكرناه ما تقدم به مشايخنا رحمهم الله تعالى وهو أن الله سبحانه لم ينزل السكينة قط على نبيه (ص) في موطن كان معه فيه أحد من أهل الإيمان إلا عمهم في نزول السكينة وشملهم بها. بذلك جاء القرآن، قال الله عز وجل: * (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) * (1) وقال في موضع آخر: * (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) * (2) ولما لم يكن مع النبي (ص) في الغار إلا أبو بكر أفرد الله عز وجل نبيه بالسكينة (ص) دونه وخصه بها ولم يشركه معه وقال الله