وهذا يكذب قول من زعم أنه صلوات الله عليه توفي وله ستون سنة، مع أن الروايات قد جاءت مستفيضة ظاهرة بأن سنه كانت عند وفاته بضعا وستين سنة، وفي مجيئها بذلك على الانتشار دليل على بطلان مقال من أنكر ذلك.
فممن روى ما ذكرناه علي بن عمرو بن أبي سبرة عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال: سمعت محمد بن الحنفية يقول في سنة الجحاف حين دخلت سنة إحدى وثمانين: هذه لي خمس وستون سنة وقد جاوزت سن أبي، قلت: وكم كانت سنه يوم قتل؟ قال: ثلاثا وستين سنة.
ومنهم أبو القاسم نعيم قال: حدثنا لشريك عن أبي إسحاق، قال: توفي علي صلوات الله عليه وهو ابن ثلاث وستين سنة. ومنهم يحيى ابن أبي كثير عن سلمة، قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول، وقد سئل عن سن أمير المؤمنين صلوات الله عليه يوم قبض قال: كان قد نيف على الستين، ومنهم ابن عائشة من طريق أحمد بن زكريا، قال: سمعته يقول بعث رسول الله (ص) وعلي - عليه السلام - ابن عشر سنين وقتل علي وله ثلاث وستون سنة، ومنهم الوليد بن هشام الفحدمي من طريق أبي عبد الله الكواسحي، قال: أخبرنا الوليد بأسانيد مختلفة: أن عليا - عليه السلام - قتل بالكوفة يوم الجمعة لتسع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين وهو ابن خمس وستين سنة.
فأما من روى أن سنه كانت عند البعثة أكثر من عشر سنين فغير واحد منهم عبد الله بن مسعود من طريق عثمان بن المغيرة عن وهب عنه قال: إن أول شئ علمته من أمر رسول الله (ص) أننا قدمنا مكة فأرشدونا إلى العباس بن عبد المطلب فانتهينا إليه وهو جالس إلى زمزم، فبينا نحن جلوس إذ أقبل رجل من باب الصفا عليه ثوبان أبيضان على يمينه غلام مراهق أو محتلم تتبعه امرأة قد