المستقبل والحال، لكان لخصومنا وجه في المطالبة بذكر ذلك في المعجزات ولكن لا وجه له على ما بيناه.
على أن كمال عقل أمير المؤمنين - عليه السلام - لم يكن ظاهرا للحواس ولا معلوما بالاضطرار فيجري مجرى كلام المسيح - عليه السلام - وحكمة يحيى - عليه السلام - وكلام شاهد يوسف - عليه السلام -، فيمكن الاعتماد عليه في المعجزات وإنما كان طريق العلم به قول رسول الله (ص) أو الاستدلال الشاق بالنظر الثاقب والسبر بحاله - عليه السلام - على مرور الأوقات لسماع كلامه والتأمل لاستدلالاته والنظر إلى ما يؤدي إلى معرفته وفطنته.
ثم لا يحصل ذلك إلا لخاص من الناس، ومن عرف وجه الاستنباطات، وما جرى هذا المجرى فارق حكمه حكم ما سلف للأنبياء من المعجزات وما كان لنبينا (ص) من الأعلام، إذ تلك بظواهرها تقدح في القلوب أسباب اليقين ويشترك الجميع في علم الحال الظاهرة منها المنبئة عن خرق العادات، دون أن تكون مقصورة على ما ذكرناه من البحث الطويل والاستبراء للأحوال على مرور الأوقات والرجوع فيه إلى نفس قول الرسول (ص) الذي يحتاج في العلم به إلى النظر في معجز غيره والاعتماد على ما سواه من البينات، فلا ينكر أن يكون الرسول (ص) إنما عدل عن ذكر ذلك واحتجاجه به في جملة آياته لما وصفناه.
وشئ آخر وهو أنه لا ينكر أن يكون الله عز وجل علم من مصلحة خلقه الكف من الرسول (ص) عن الاحتجاج بذلك والدعاء إلى النظر فيه وأن اعتماده على ما ظاهره خرق العادة أولى في مصلحة الدين.
وشئ آخر وهو أن رسول الله (ص) وإن لم يحتج به على التفصيل واليقين فقد فعل ما يقوم مقام الاحتجاج به على البصيرة واليقين، فابتدأ عليا - عليه السلام - بالدعوة