عددتموه كان معجزا بخرقه العادة ودلالة لنبي من أنبياء الله عز وجل، فلو كان أمير المؤمنين - عليه السلام - مشاركا لمن وصفتموه في خرق العادة لكان معجزا له - عليه السلام - أو للنبي (ص)، وليس يجرز أن يكون المعجز له، ولو كان للنبي (ص) لجعله في معجزاته واحتج به في جملة بيناته ولجعله المسلمون من آياته، فلما لم يجعله رسول الله (ص) لنفسه علما ولا عده المسلمون في معجزاته علمنا أنه لم يجز فيه الأمر على ما ذكرتموه.
فيقال لهم: ليس كل ما خرق الله به العادة وجب أن يكون علما ولا لزم أن يكون معجزا ولا شاع علمه في العام ولا عرف من جهة الاضطرار وإنما المعجز العلم هو خرق العادة عند دعوة داع أو براءة مقذوف وتجري براءته مجرى التصديق له في مقاله بل هي تصديق في المعنى وإن لم يكن تصديقا بنفس اللفظ والقول.
وكلام عيسى - عليه السلام - إنما كان معجزا لتصديقه له في قوله: * (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) * مع كونه خرقا للعادة وشاهدا لبراءة أمه من الفاحشة ولصدقها فيما ادعته من الطهارة وكانت حكمة يحيى - عليه السلام - في حال صغره تصديقا له في دعوته في الحال ولدعوة أبيه زكريا - عليه السلام - فصارت مع كونها خرقا للعادة دليلا ومعجزا وكلام الطفل في براءة يوسف - عليه السلام - إنما كان معجزا بخرق العادة لشهادته ليوسف - عليه السلام - بالصدق في براءة ساحته ويوسف - عليه السلام - نبي مرسل.
فثبت أن الأمر على ما ذكرناه، ولم يك كمال عقل أمير المؤمنين - عليه السلام - شاهدا في شئ مما ادعاه ولا استشهد هو - عليه السلام - به فيكون مع كونه خرقا للعادة معجزا، ولو استشهد - عليه السلام - به أو شهد على حد ما شهد الطفل ليوسف - عليه السلام - وكلام عيسى - عليه السلام - له ولأمه وكلام يحيى - عليه السلام - لأبيه بما يكون في