* الشرح:
قوله (إن الله حرم الجنة على كل فحاش بذي قليل الحياء) البذي بشد الياء - وزان القوي - من البذاء بالفتح والمد بمعنى الفحش في القول، يقال: فلان بذي اللسان أي فحاش، والمراد بقلة الحياء إما المعنى الظاهري، أو عديمه كما يقال: فلان قليل الخير أي عديمه، ولعله (صلى الله عليه وآله) أراد أن الجنة محرمة عليهم زمانا طويلا لا محرمة تحريما مؤبدا أو المراد جنة خاصة معدة لغير الفحاش، وإلا فظاهره مشكل فإن العصاة من هذه الأمة مآلهم إلى الجنة وإن طال مكثهم في النار، كما قاله الشيخ رحمه الله.
(قيل: يا رسول الله وفي الناس شرك شيطان؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أما تقرأ قول الله عز وجل (وشاركهم في الأموال والأولاد)) قال الشيخ: قال المفسرون: إن مشاركة الشيطان لهم في الأموال حملهم على تحصيلها وجمعها من الحرام وصرفها فيما لا يجوز وبعثهم على الخروج في إنفاقها عن حد الاعتدال إما بالاسراف والتبذير أو البخل والتقتير وأمثال ذلك، وأما المشاركة في الأولاد فحثهم على التوصل إليها بالأسباب المحرمة من الزنا ونحوه أو حملهم على تسميتهم إياهم بعبد العزى وعبد اللات، أو تضليل الأولاد بالحمل على الأديان الزايغة والأفعال القبيحة.
هذا كلام المفسرين، وقد روى الشيخ الجليل ثقة الاسلام أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قدس الله سره حديثا يتضمن معنى آخر للمشاركة في الأولاد روي في باب الاستخارة للنكاح من تهذيب الاحكام عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) أنه قال: «إذا تزوج أحدكم كيف يصنع؟
قال: قلت له: ما أدي جعلت فداك.
قال: فإذا هم بذلك فليصل ركعتين ويحمد الله ويقول: اللهم إني أريد أن أتزوج فاقدر لي من النساء أعفهن فرجا وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة وقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي وبعد موتي» فإذا أدخلت عليه فليضع يده على ناصيتها ويقول: «اللهم على كتابك تزوجتها وفي أمانتك أخذتها وبكلماتك استحللت فرجها فإن قضيت في رحمها ولدا فاجعله مسلما سويا ولا تجعله شرك شيطان» قلت: وكيف يكون شرك شيطان؟
فقال لي: إن الرجل إذا دنا من المرأة وجلس مجلسه حضره الشيطان فإن هو ذكر اسم الله تنحى الشيطان عنه، وإن فعل ولم يسم أدخل الشيطان ذكره فكان العمل منهما جميعا والنطفة واحدة.
قلت: فبأي شيء يعرف هذا؟ قال بحبنا وبغضنا».
وهذا الحديث يعضد ما قاله المتكلمون من أن الشيطان أجسام شفافة تقدر على الولوج في