حتى يفرغ الله من الحساب» فلا يرد: أن كثيرا من المتكبرين ليسوا من أهل السفال، قال بعض المحققين: الإنسان مركب من جوهرين أحدهما أعظم من الآخر وهو الروح التي من أمر الرب وبينها وبين الرب قرب تام، لولا عنان العبودية لقال كل واحد: أنا ربكم الأعلى، فكل أحد يحب الربوبية ولكن يدفعها هو عن نفسه بالإقرار بالعبودية، ويطلب باعتبار الجوهر الآخر المركوز فيه القوة الشهوية والغضبية آثار الربوبية وخواصها، وهي أن يكون فوق كل شيء وأعلى رتبة منه، ويغفل عن أن هذا في الحقيقة دعوى الربوبية. وكذلك كل صفة من الصفات الرذيلة تتولد من ادعاء آثار الربوبية كالغضب والحسد والحقد والرياء والعجب، فإن الغضب من جهة الاستيلاء اللازم للربوبية، والحسد من جهة أنه يكره أن يكون أحد أفضل منه في الدين والدنيا وهو أيضا من لوازمها، والحقد يولد من احتقان الغضب في الباطن، والرياء من جهة أنه يريد ثناء الخلق، والعجب من جهة أنه يرى ذاته كاملة وكل ذلك من آثار الربوبية، وقس عليه سائر الرذائل فإنك إن فتشتها وجدتها مبنية على ادعاء الربوبية والترفع.
3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبد الله، عن عثمان بن عيسى، عن العلاء بن الفضيل، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): العز رداء الله والكبر إزاره، فمن تناول شيئا منه أكبه الله في جهنم.
4 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة، عن معمر بن عمر ابن عطاء، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الكبر رداء الله والمتكبر ينازع الله رداءه.
5 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن أبي جميلة، عن ليث المرادي، عن أبي عبد الله (عليه السلام): قال: الكبر رداء الله فمن نازع الله شيئا من ذلك أكبه الله في النار.
6 - عنه، عن أبيه، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر.
* الشرح:
قوله (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) هذا الحديث مذكور في صحيح مسلم بإسناده عن ابن مسعود عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال الخطابي: المراد بالكبر الكبر عن الإيمان لقوله: «ولا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من ايمان» فقابل الإيمان بالكفر، ويحتمل أن يريد به نزع الكبر عن داخل الجنة لقوله تعالى: (ونزعنا ما في صدورهم من غل) أقول: التأويل الأول موافق لما في الخبر الآتي من أن المراد بالكبر الجحود، وأما التأويل الآخر فلا يخفى بعده لأن المقصود ذم المتكبر وتحذيره لا تبشيره برفع الإثم والعقاب عنه. ويمكن أن