فعل ذلك فقد نازع الله عز وجل رداءه.
* الشرح:
قوله (إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق) قد عرفت أن الكبر عظمة مخصوصة وهي هيئة نفسانية تنشأ من تصور الإنسان أنه أعلى من غيره، وهذه الهيئة بعد رسوخها إن كملت واشتدت حتى دلت صاحبها على تحقير الخلق بأن لا يراه شيئا وجهل الحق بأن لا يقبله من صميم القلب والطعن على من قبله ورآه حقا، حصل نوع آخر من الكبر أعظم من الأول وهي الهيئة المذكورة مجردة عن التحقير والجهل المذكورين، ومنه يظهر حقيقة قوله «أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق» ونقل عن الزمخشري أن سفه الحق اسم مضاف إلى الحق، وأن فيه وجهين أحدهما أن يكون على حذف الجار والإيصال كان الأصل سفه على الحق، والثاني أن يتضمن معنى فعل متعد كجهل والمعنى الاستخفاف به وأن لا يراه على ما هو عليه من الرجحان.
(فمن فعل ذلك نازع الله عز وجل رداءه) إن قلت: الغمص والسفه بالتفسير المذكور ليسا من صفات الله تعالى وردائه فما معنى هذا القول؟
قلت: الغمص والسفه أثر من آثار الكبر ولازم من لوازمه ففاعل ذلك منازع لله من حيث الملزوم على أنه لا يبعد أن يراد بهما الملزوم مجازا وهو الكبر البالغ إلى هذه المرتبة المقتضية لهذا الفعل الشنيع.
10 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن في جهنم لواديا للمتكبرين يقال له: سقر، شكا إلى الله عز وجل شدة حره وسأله أن يأذن له أن يتنفس فتنفس فأحرق جهنم.
* الشرح:
قوله (فتنفس فأحرق جهنم) لعل المراد بتنفسه خروج لهب منه، وبإحراق جهنم تسخينها أشد ما كان لها من السخونة وإحداث حرارة زائدة فيها.
11 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن داود بن فرقد، عن أخيه قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: إن المتكبرين يجعلون في صور الذر، يتوطأهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب.
* الشرح:
قوله (ان المتكبرين يجعلون في صورة الذر -... إلى آخره) عوملوا بهذا لأنه مقابل لتكبرهم وترفعهم فعوملوا بمقابل مقصودهم ونقيض مطلوبهم.