يراد به المستحل، أو يخصص عدم الدخول ببعض الأوقات وهو أن لا يدخلها ابتداء بل بعد المجازاة، وقيل إنما صار الكبر حجابا عن الجنة لأنه يحول بين العبد وبين فضائل الأخلاق التي هي أبواب الجنة فإن الكبر يغلق تلك الأبواب كلها لأن المتكبر لا يقدر أن يحب للمؤمن ما يحب للنفسه ولا يتمكن من ترك الرذائل كالحقد والحسد والتقدم في الطرق والمجالس وطرد الفقراء عن المجالسة والمؤاكلة والعنف والغلظة والغيبة والتطاول، وعدم الرفق بذوي الحاجات وفعل أضدادها من الفضائل كالتواضع وكظم الغيظ وقبول الحق وسماعه والرفق في القول وغيرها، وما من خلق فاضل إلا وهو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزه فلذلك «لا يدخل الجنة من [كان] في قلبه مثقال ذرة من كبر».
7 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من الكبر، قال:
فاسترجعت فقال: مالك تسترجع؟ قلت: لما سمعت منك، فقال: ليس حيث تذهب إنما أعني الجحود، إنما هو الجحود.
* الشرح:
قوله (انما أعني الجحود انما هو الجحود) أي المراد بالكبر إنكار الحق، أو إنكار أمره وحكمه مثل كبر إبليس فإنه لما كان مقرونا بالجحود والإباء عن طاعة الله والاستصغار لأمره كما دل عليه قوله (لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصال) كان لا محالة مستلزما لكفره والكفر يوجب الحرمان من الجنة أبدا هذا أحد التأويلات للروايات الدالة على أن من في قلبه كبر لا يدخل الجنة، والمقصود أن هذا الوعيد مختص بكبر الجحود لا أن غيره لا يتعلق به الوعيد مطلقا.
8 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، عن علي بن عقبة، عن أيوب ابن الحر، عن عبد الأعلى، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: الكبر أن تغمص الناس وتسفه الحق.
* الشرح:
قوله (الكبر أن تغمص الناس وتسفه الحق) غمصه - كضربه، وسمعه - غمصا احتقره واستصغره وعابه ولم يره شيئا، وسفه سفها من باب علم وسفه سفاهة من باب شرف إذا نقص عقله، وسفهه تسفيها إذا نسبه إلى السفه، والمراد به هنا لازمه وهو الجهل بالحق وطعن أهله.
9 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن عبد الأعلى بن أعين قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أعظم الكبر غمص الخلق وسفه الحق، قال: قلت: ما غمص الخلق وسفه الحق؟ قال: يجهل الحق ويطعن على أهله، فمن