شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٢٤
* الشرح:
قوله (الكبر قد يكون في شرار الناس من كل جنس) أي من كل صنف من أصناف الناس وإن كان دنيا كما يشعر به تكبر سوداء أو من كل جنس من أجناس السبب كالعلم والعبادة والزهد والمال والجاه والنسب والصورة والشهرة ونحوها والأول أظهر.
(والكبر رداء الله) في الخبر الآخر: «العز رداء الله، والكبر إزاره» وروى مثلهما من طرق العامة قال الآبي: الإزار: الثوب الذي يشد على الوسط، والرداء: الذي يمد على الكتفين. وقال محي الدين:
هما لباس، واللباس من خواص الأجسام وهو سبحانه ليس بجسم فهما استعارة للصفة التي هي العزة والعظمة، ووجه الاستعارة أن هذين الثوبين لما كانا مختصين بالناس ولا يستغنى عنهما، ولا يقبلان الشركة، وهما جمال عبر عن العز بالرداء، وعن الكبر بالإزار على وجه الاستعارة المعروفة عند العرب كما يقال فلان شعاره الزهد ودثاره التقوى لا يريدون الثوب الذي هو شعار ودثار بل صفة الزهد كما يقولون: فلان غمر الرداء واسع العطية فاستعاروا لفظ الرداء للعطية، انتهى.
أقول: يجوز أن يكون من باب التشبيه البليغ بحذف الأداة، والوجه الاختصاص لأن العزة والكبر مختصان به سبحانه، كما أن الرداء والإزار مختصان بصاحبهما، أو الإحاطة لوجودها في العزة والكبر تخييلا، وفي الرداء والإزار تحقيقا بل التشبيه أولى لأن المشبه ينبغي أن لا يكون مذكورا وهو هنا مذكور، والمقصود من هذا التشبيه هو الإيضاح لأنه أخرج المعقول إلى المحسوس تقريبا للإفهام.
فإن قلت: هل في تشبيه العز بالرداء والكبر بالإزار وجه؟
قلت نعم لأن العزة أمر إضافي كما قيل: هي الامتناع من أن ينال، وقيل: هي الصفة التي تقتضي عدم وجود مثل الموصوف بها. وقيل: هي الغلبة على الغير، والأمر الإضافي أمر ظاهر، والرداء من الأثواب الظاهرة، فبينهما مناسبة من جهة الظهور، والكبر بمعنى العظمة، وهي صفة حقيقية إذ العظيم قد يتعاظم في نفسه من غير ملاحظة الغير فهي أخفى من العزة، والإزار ثوب خفي لأنه قد يستر بغيره، فبينهما مناسبة من هذه الجهة، وفي الحديث الأول شبه الكبر بالرداء، وله أيضا وجه ظاهر لأن الكبر كثيرا ما يفتقر إلى ملاحظة متكبر عليه فهو بهذا الاعتبار أمر إضافي ظاهر يناسب الرداء.
(فمن نازع الله عز وجل رداءه لم يزده الله إلا سفالا) قد عرفت أن الكبر والعظمة والرفعة على الخلق من الصفات المختصة بالله سبحانه فمن نازعه فيها لم يزده الله إلا سفالا في أعين العارفين ونظر الصالحين أو في القيامة كما سيجئ: «أن المتكبرين يجعلون في صورة الذر يتوطأهم الناس
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430