شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٩ - الصفحة ٣٢٩
تعالى يراهم كما يرى غيرهم، ولا نفي تقليب الحدقة إليهم لأنه من صفات الأجسام. وفي قوله «يوم القيامة» إشعار بأن المعاصي المذكورة بل غيرها أيضا لا تمنع من إيصال الخير والنعمة إليهم في الدنيا لأن إفضاله فيها يعم الأبرار والفجار تأكيدا للحجة عليهم. ومعنى قوله «ولا يزكيهم» أنه لا يطهرهم من ذنوبهم أو لا يقبل عملهم أو لا يثني عليهم ومن لا يثني الله سبحانه عليه يعذبه.
وتخصيص الثلاثة بالذكر ليس لأجل أن غيرهم معذور بل لأجل أن عقوبتهم أعظم وأشد لأن المعصية مع وجود الصارف عنها أقبح وأشنع، والصارف للشيخ عن الزنا انكسار قوته وانطفاء شهوته وطول إعذاره ومدته وقرب الانتقال إلى الله فلابد من أن يتدارك ما فات ويستعد لما هو آت فإذا شغل بالزنا دل ذلك على أنه غير مقر بالدين ومستخف بنهي رب العالمين; فلذلك استحق العذاب المهين. ويمكن أن تستدل بهذا على أن الشيخ، في جميع المعاصي أشد عقوبة من الشاب وعلى أن الشاب بالعفة أمدح من الشيخ والصارف للملك عن كونه جبارا مشاهدة كمال نعمه تعالى عليه حيث سلطه على عباده وبلاده وجعلهم تحت يده وقدرته فاقتضى ذلك أن يشكر نعمه ويعدل بين خلق الله ويرتدع عن الظلم والفساد ويشاهد ضعفه بين يدي الملك المنان، فإذا قابل كل ذلك بالكفران استحق عذاب النيران، والصارف للمقل الفقير عن الاختيال والاستكبار فقره لأن الاختيال انما هو بالدنيا وليست عنده فاختياله عناد، ومن عاند ربه العظيم يصير محروما من رحمته وله عذاب أليم. ولا يبعد أن يكون المدح في أضداد هذه الأنواع متفاوتا فالشاب بالعفة أمدح من الشيخ كما ذكرنا، ودل عليه أيضا الآثار.
والتواضع من الغني أمدح منه من الفقير كما دل عليه بعض الأخبار، وأما العدل من غير الملك ففي كونه أمدح منه من الملك محل نظر.
15 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن مروك بن عبيد، عمن حدثه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن يوسف (عليه السلام) لما قدم عليه الشيخ يعقوب (عليه السلام) دخله عز الملك، فلم ينزل إليه، فهبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا يوسف أبسط راحتك فخرج منها نور ساطع، فصار في جو السماء، فقال: يوسف يا جبرئيل ما هذا النور الذي خرج من راحتي؟ فقال: نزعت النبوة من عقبك عقوبة لما لم تنزل إلى الشيخ يعقوب فلا يكون من عقبك نبي.
* الشرح:
قوله (لما قدم عليه الشيخ يعقوب (عليه السلام) دخله عز الملك فلم ينزل إليه -... إلى آخره) الملك بضم الميم وسكون اللام السلطنة وبفتح الميم وكسر اللام السلطان وبكسر الميم وسكون اللام ما يملك وإضافة العز إليه لامية ولم يكن ما دخله تكبرا تحقيرا للشيخ فإنه كان منزها عنه بل كان حفظا لعزه
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الاستغناء عن الناس 3
2 باب صلة الرحم 6
3 باب البر بالوالدين 19
4 باب الاهتمام بأمور المسلمين والنصيحة لهم ونفعهم 29
5 باب اجلال الكبير 31
6 باب إخوة المؤمنين بعضهم لبعض 33
7 باب فيما يوجب الحق لمن انتحل الايمان وينقضه 38
8 باب في ان التواخي لم يقع على الدين وانما هو التعارف 39
9 باب حق المؤمن على أخيه وأداء حقه 40
10 باب التراحم والتعاطف 51
11 باب زيارة الاخوان 52
12 باب المصافحة 57
13 باب المعانقة 63
14 باب التقبيل 65
15 باب تذاكر الاخوان 67
16 باب ادخال السرور على المؤمنين 71
17 باب قضاء حاجة المؤمن 77
18 باب السعي في حاجة المؤمن 82
19 باب تفريج كرب المؤمن 87
20 باب اطعام المؤمن 89
21 باب من كسا مؤمنا 95
22 باب في إلطاف المؤمن وإكرامه 97
23 باب في خدمته 101
24 باب نصيحة المؤمن 101
25 باب الإصلاح بين الناس 103
26 باب في أحياء المؤمن 105
27 باب في الدعاء للأهل إلى الايمان 107
28 باب في ترك دعاء الناس 108
29 باب أن الله إنما يعطي الدين من يحبه 114
30 باب سلامة الدين 115
31 باب التقية 118
32 باب الكتمان 127
33 باب المؤمن وعلاماته وصفاته 137
34 باب في قلة المؤمن 184
35 باب الرضا بموهبة الايمان والصبر على كل شيء بعده 189
36 باب في سكون المؤمن إلى المؤمن 196
37 باب فيما يدفع الله بالمؤمن 197
38 باب في ان المؤمن صنفان 198
39 باب ما اخذه الله على المؤمن من الصبر على ما يلحقه فيما ابتلي به 201
40 باب شدة ابتلاء المؤمن 206
41 باب فضل فقراء المسلمين 221
42 باب 231
43 باب ان للقلب اذنين ينفث فيهما الملك والشيطان 233
44 باب الروح الذي أيد به المؤمن 239
45 باب الذنوب 241
46 باب استصغار الذنب 279
47 باب الإصرار على الذنب 281
48 باب في أصول الكفر وأركانه 283
49 باب الرياء 291
50 باب طلب الرئاسة 300
51 باب اختتال الدنيا بالدين 304
52 باب من وصف عدلا وعمل بغيره 305
53 باب المراء والخصومة ومعاداة الرجال 306
54 باب الغضب 310
55 باب الحسد 316
56 باب العصبية 321
57 باب الكبر 323
58 باب العجب 332
59 باب حب الدنيا والحرص عليها 337
60 باب الطمع 352
61 باب الخرق 353
62 باب سوء الخلق 354
63 باب السفه 356
64 باب البذاء 358
65 باب من يتقى شره 365
66 باب البغي 367
67 باب الفخر والكبر 369
68 باب القسوة 375
69 باب الظلم 379
70 باب اتباع الهوى 388
71 باب المكر والغدر والخديعة 393
72 باب الكذب 397
73 باب ذي اللسانين 409
74 باب الهجرة 411
75 باب قطعية الرحم 414
76 باب العقوق 418
77 باب الانتفاء 421
78 باب من آذى المسلمين واحتقرهم 421
79 فهرس الآيات 430