المؤمنين (عليه السلام) على ما ذكره صاحب العدة (رحمه الله) يقول (عليه السلام): «إياك وما تعتذر منه وإنه لا يعتذر من خير، وإياك وكل عمل في السر تستحيي منه في العلانية، وإياك وكل عمل إذا ذكر لصاحبه أنكره».
16 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: الإبقاء على العمل أشد من العمل، قال: وما الإبقاء على العمل؟ قال: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى فتكتب له علانية، ثم يذكرها فتمحى وتكتب له رياء.
* الشرح:
قوله (الإبقاء على العمل أشد من العمل) كما يتحقق الرياء في أول العبادة ووسطها كذلك يتحقق بعد الفراغ منها إلى آخر العمر فيجعل ما فعل لله خالصا في حكم ما فعل لغيره فيبطلها كالأولين عند علمائنا، بل يوجب الاستحقاق للعقوبة أيضا عند الجميع، وانما كان الإبقاء أشد لأنه يحتاج إلى مراقبة النفس ومحافظة العمل من المفسد في زمان أطول من زمان الأولين، وقال الغزالي: لا يبطلها، لأن ما وقع صحيحا فهو صحيح لا ينتقل من الصحة إلى الفساد، نعم الرياء بعده حرام يوجب استحقاق العقوبة.
17 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن ابن القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه: أخشوا الله خشية ليست بتعذير، واعملوا لله في غير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى عمله.
* الشرح:
قوله (قال أمير المؤمنين (عليه السلام) أخشوا الله خشية ليست بتعذير) في المصباح: عذر في الأمر تعذيرا إذا قصر ولم يجتهد، أي أخشوا الله خشية ليست متلبسة بتقصير وهي الخشية المستلزمة للتوافق بين السر والعلانية وترك محارم الله الظاهرة والباطنة، ولزوم حدوده الجاذبة إلى الزهد الحقيقي، وقال الفاضل الأمين الأسترآبادي على ما نقل عنه: إذا فعل أحد فعلا من باب الخوف ولم يرض به فخشيته خشية تعذير وخشية كراهية، وإن رضي به فخشيته خشية رضاء وخشية محبة.
18 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يعمل الشيء من الخير فيراه إنسان فيسره ذلك؟
فقال: لا بأس، ما من أحد إلا وهو يحب أن يظهر له في الناس الخير، إذا لم يكن صنع ذلك لذلك.