وما من عبد يسر شرا إلا لم تذهب الأيام حتى يظهر الله له شرا.
13 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن يحيى بن بشير، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من أراد الله عز وجل بالقليل من عمله أظهر الله له أكثر مما أراد، ومن أراد الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله أبى الله عز وجل إلا أن يقلله في عين من سمعه.
* الشرح:
قوله (من أراد الله عز وجل بالقليل من عمله أظهر الله له أكثر مما أراد) أي أكثر مما أراد الله عز وجل به من العمل، ولعل المراد بإظهاره إظهاره على الخلق كما دل عليه بعض الروايات ليعرفوه بالتقوى والصلاح فيجمع له خير الدنيا والآخرة، ويمكن أن يراد به إظهاره له يوم فقره وفاقته كما دل عليه قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) وإرادة الأعم أولى.
(ومن أراد الناس بالكثير من عمله في تعب من بدنه وسهر من ليله أبى الله عز وجل إلا أن يقلله في عين من سمعه) كأن تقليله في أعينهم كناية عن تحقيرهم وبغضهم له كما دل عليه ما روي «أن رجلا من بني إسرائيل قال لأعبدن الله عبادة أذكر بها، فمكث مدة مبالغا في الطاعات وجعل لا يمر بملأ من الناس إلا قالوا متصنع مرائي، فأقبل على نفسه وقال: قد أتعبت نفسك وضيعت عمرك في لا شيء فينبغي أن تعمل لله سبحانه. فغير نيته وأخلص عمله لله فجعل لا يمر بملأ من الناس إلا قالوا ورع تقي».
14 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم وتحسن فيه علانيتهم، طمعا في الدنيا، لا يريدون به ما عند ربهم، يكون دينهم رياء، لا يخالطهم خوف، يعمهم الله بعقاب، فيدعونه دعاء الغريق فلا يستجيب لهم.
* الشرح:
قوله (سيأتي على الناس زمان تخبث فيه سرائرهم، وتحسن فيه علانيتهم طمعا في الدنيا) هكذا حال المرائي فإنه يحسن علانيته مع الخلق ويفسد سريرته بقصد الرياء وطلب المنزلة عندهم، وسبب ذلك حب الدنيا وشهواتها، ونسيان الآخرة وعقباتها وهو رأس كل خطيئة ومنبع كل ذنب، وهو الذي يحول بين القلب وبين تفكره في أمر العاقبة، ويبعثه على تحصيل الدنيا بأي وجه كان وأي طريق يمكن حتى أنه يجعل العبادة التي تجب أن تكون لله خالصة وسيلة إلى المنافع الموهومة الزائلة.