5 - علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن محمد بن عرفة قال: قال لي الرضا (عليه السلام):
ويحك يا ابن عرفة اعملوا لغير رياء ولا سمعة، فإنه من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل. ويحك ما عمل أحد عملا إلا رداه الله إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
* الشرح:
قوله (ما عمل أحد عملا إلا رداه الله) التردية «رداء بر كسى أفكندن»، شبه العمل بالرداء في الإحاطة والشمول.
(إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا) أي ان كان عمله خيرا فكان جزاؤه خيرا، وإن كان عمله شرا فكان جزاؤه شرا. وجاء الخبر الآخر برفع الأخيرين أي إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير وإن كان عمله شرا فجزاؤه شر.
6 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن عمر بن يزيد قال: إني لأتعشى مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ تلا هذه الآية (بل الإنسان على نفسه بصيرة * ولو ألقى معاذيره) يا أبا حفص ما يصنع الإنسان أن يتقرب إلى الله عز وجل بخلاف ما يعلم الله تعالى، إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يقول: من أسر سريرة رداه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
* الشرح:
قوله (إني لأتعشى مع أبي عبد الله (عليه السلام)) العشاء بالكسر والمد: أول ظلام الليل، وبالفتح والمد:
الطعام الذي يتعشى به وقت العشاء، وتعشيت أنا: أكلت العشاء.
(إذ تلا هذه الآية (بل الإنسان على نفسه بصيرة)) قال القاضي أي حجة بينة على أعمالها لأنه شاهد بها، وصفها بالبصارة على المجاز، أو عين بصيرة بها فلا يحتاج إلى الإنباء.
أقول: التوجيه الأول لأكثر المفسرين. والثاني نقله النيشابوري عن الأخفش فإنه جعل الإنسان بصيرة كما يقال فلان كرم، وذلك لأنه يعلم بالضرورة متى رجع إلى عقله أن طاعة خالقه واجبة وعصيانه منكر فهو حجة على نفسه بعقله السليم، ونقل عن أبي عبيدة أن التاء للمبالغة كعلامة.
(ولو ألقى معاذيره) قال القاضي ولو جاء بكل ما يعتذر به. جمع معذار وهو العذر أو جمع معذرة على غير قياس فإن قياسه معاذر، وقال النيشابوري: هذا تأكيد أي ولو جاء بكل معذرة يحاج بها عن نفسه فإنها لا تنفعه لأنها لا تخفى شيئا من أفعاله فإن نفسه وأعضاءه تشهد عليه. ثم قال: قال الواحدي والزمخشري: المعاذير اسم جمع للمعذرة كالمناكير للمنكر، ولو كان جمعا لكان معاذر بغير ياء، ونقل عن الضحاك والسدي: أن المعاذير جمع المعذار وهو الستر، والمعنى أنه وإن أسبل الستور لن يخفى شيء من عمله، قال الزمخشري: إن صح هذا النقل فالسبب في التسمية أن الستر