* الشرح:
قوله (اجعلوا أمركم هذا لله) أي اجعلوا أمركم هذا لله خالصا ولا تجعلوه للناس بالانفراد والاشتراك. فإن ما كان لله خالصا فهو لله ويصعد إليه وعليه أجره، وما كان للناس ولو بالشركة فلا يصعد إلى الله لأنه لا يصعد إليه إلا العمل الخالص له.
3 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي المغراء، عن يزيد بن خليفة قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): كل رياء شرك، إنه من عمل للناس كان ثوابه على الناس ومن عمل لله كان ثوابه على الله.
4 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جراح المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل:
(فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) قال: الرجل يعمل شيئا من الثواب لا يطلب به وجه الله إنما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس، فهذا الذي أشرك بعبادة ربه، ثم قال: ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا، وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له شرا.
* الشرح:
قوله (قال ما من عبد أسر خيرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له خيرا) من عمل لله خالصا وأخفاه خوفا من الرياء وطلبا لرضاه تعالى أظهره الله وأظهر حاله يوما لعباده وصرف قلوبهم إليه ليمدحوه ويوقروه ويعظموه، فيحصل له مع ثناء الله تعالى ثناء الناس وبحكم المقابلة لو أظهره طلبا لرضاهم صرف الله عنه قلوبهم وجعلها مبغضة له، والظاهر أن إظهار الخير الخفي كلي بدليل قوله:
«ما من عبد» ولا يستلزم ذلك إظهاره لجميع الخلق لجواز إظهاره للخواص من الملائكة والناس. فلا ينافي ما روي «طوبى لعبد يعرف الناس ولا يعرفه الناس» ويفهم من هذا الحديث ونحوه أن أسرار الخير أحسن من إظهاره ولكل فائدة، أما فائدة الإسرار فللتحرز من الرياء وأما فائدة الإظهار فترغيب الناس في الاقتداء به وتحريكهم إلى فعل الخير ولذلك أثنى الله تعالى على كليهما بقوله (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) وفي هذا المقام تفصيل مذكور في محله.
(وما من عبد يسر شرا فذهبت الأيام أبدا حتى يظهر الله له شرا) فيه وعيد لمن عمل رياء أو عمل شرا وأخفاه خوفا من لوم الناس وذمهم فإنه تعالى يرتب على إخفائه نقيض مقصوده فيظهره على عباده ويظهر سوء حاله ليذموه ويعاندوه ويحقروه.