حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا.
* الشرح:
قوله (إذا أذنب الرجل خرج في قلبه نكتة سوداء فإن تاب انمحت وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه فلا يفلح بعدها أبدا) النكتة النقطة وكل نقطة في شيء بخلاف لونه فهي نكتة، واعلم أن الله تعالى خلق قلب المؤمن نورانيا قابلا للصفات النورانية فإن أذنب خرج فيه نقطة سوداء فإن تاب بأن ندم وعزم أن لا يعود زالت تلك النقطة وعاد محلها إلى نورانيته، وإن زاد في الذنب سواء كان من نوع ذلك الذنب أم من غيره زادت نقطة أخرى سوداء وهكذا حتى تغلب النقاط السود على جميع قلبه فلا يفلح بعدها أبدا، لأن القلب حينئذ لا يقبل شيئا من الصفات النورانية، والظاهر أنه إن تاب من ذنب ثم عاد لم تبطل التوبة الأولى وأنه إن تاب من بعض الذنوب دون بعض فهي صحيحة على أحد القولين فيها.
14 - عنه، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء، فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تبارك وتعالى للملك: لا تقض حاجته واحرمه إياها، فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني.
* الشرح:
قوله (إن العبد يسأل الله الحاجة فيكون من شأنه قضاؤها إلى أجل قريب أو إلى وقت بطيء فيذنب العبد ذنبا فيقول الله تعالى للملك لا تقض حاجته وأحرمه إياها فإنه تعرض لسخطي واستوجب الحرمان مني) هذا صريح في أن للذنوب والأعمال الخارجة عن طور الشريعة تأثيرا في سلب الرحمة، وذلك لأن الفيض الإلهي لا بخل ولا منع من قبله وإنما ذلك بحسب عدم الاستعداد، وظاهر أن المذنب معرض عنه غير معترض لرحمته، بل مستعد لضد ذلك أعني سخطه وعذابه فاستحق بذلك أن لا ينال رحمته ويحرم من الإجابة.
لا يقال: هذا ينافي ما في بعض الروايات من أن العاصي إذا دعاه أجابه بسرعة كراهة من سماع صوته لأنا نقول: لا منافاة بينهما لأن هناك شيئين: أحدهما المعصية وهي تناسب عدم الإجابة، والثاني كراهة من سماع صوته وهي تناسب سرعة الإجابة، فربما ينظر إلى الأول فلا يجيبه وربما ينظر إلى الثاني فيجيبه، وليس في الأخبار ما يدل على أن العاصي يجاب دائما، ولو سلم لأمكن حمل هذا الخبر على أن المؤمن الصالح إن أذنب وتعرض لسخط ربه استوجب الحرمان ولا يقضي