العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وإنه لينظر إلى أزواجه في الجنة يتنعمن.
* الشرح:
قوله (إن العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام) نظيره ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «قال لا تتكلوا بشفاعتنا فإن شفاعتنا لا تلحق بأحدكم إلا بعد ثلاثمائة سنة» وفيه دلالة على أن الذنب يمنع من الدخول في الجنة في تلك المدة، ولا دلالة فيه على أنه في تلك المدة في النار أو في شدائد القيامة، وأما من لا ذنب له فلا يحبس في القيامة ويدخل الجنة بغير حساب.
20 - أبو علي الأشعري، عن عيسى بن أيوب، عن علي بن مهزيار، عن القاسم بن عروة، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: [قال:] ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء، فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء، فإن تاب ذهب ذلك السواد، وإن تمادى في الذنوب زاد ذلك السواد حتى يغطي البياض فإذا تغطي البياض لم يرجع صاحبه إلى خير أبدا وهو قول الله عز وجل:
(كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون).
* الشرح:
قوله (ما من عبد إلا وفي قلبه نكتة بيضاء فإذا أذنب ذنبا خرج في النكتة نكتة سوداء) نظيره قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «إن الإيمان يبدو لمطة في القلب كلما ازداد الإيمان ازدادت اللمطة» هذا وإن مر شرحه إلا أنه لا بأس أن نفسره ثانيا لزيادة التوضيح والتقرير فنقول: قال بعض المحققين:
اللمطة مثل النكتة أو نحوها من البياض ومنه قيل فرس لمط إذا كان بجحفلته شيء من البياض، وتوضيح الكلام أن بأصل الإيمان يظهر نكتة أبيض في قلب من آمن أول مرة ثم إذا أقر باللسان ازدادت تلك النكتة وإذا عمل بالجوارح عملا صالحا ازدادت وهكذا حتى يصير قلبه نورانيا كالنير الأعظم وبعكس ذلك في العمل السيئ، وتحقيق الكلام في هذا المقام أن المقصود بالقصد الأول بالأعمال الظاهرة والأمر بمحاسنها والنهي عن مقابحها هو ما تكتسب النفس منها من الأخلاق الفاضلة والصفات الفاسدة فمن عمل صالحا أثر في نفسه وبازدياد العمل يزداد الضياء والصفا حتى يصير كمرآة مجلوة صافية، ومن أذنب ذنبا أثر ذلك أيضا وأورث لها كدورة فإن تحقق قبحه وتاب عنه زال الأثر وصارت النفس مصقولة وإن أصر عليه زاد الأثر الميشوم وفشا في النفس واستعلى عليها وصار من أهل الطبع ولم يرجع إلى خير أبدا إذ دواء هذا الداء هو الانكسار وهضم النفس والاعتراف بالتقصير والرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار والانقلاع عن المعاصي ولا محل لشيء من ذلك في هذا القلب المظلم. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ثم أشار إلى أن ذلك هو الرين المذكور في الآية الكريمة بقوله (وهو قول الله عز وجل (كلا بل