واسترجع فلما نام الليلة رأى أنه مسافر إلى بيت الله الحرام وانقطع عن الرفقاء فإذا رجل قبيح المنظر شديد الأهبة ظهر قبال وجهه فتكلم بلسان وهو لا يعرفه وظن أنه لسان ترك فقال: أنا ما أعرف هذا اللسان فتكلم بلسان الفرس وقال ما معناه أعطني جميع ما يكون معك وما لي على حياتك سبيل، فوقع في نفسه أنه شيطان فاستفزع واستيقظ فإذا الفجر طالع فصلى الصبح بتضرع وخشوع وبكاء فدفع عنه ذلك، ولا تنظر أيها الأخ الصالح إلى بعض الظالمين المشتغلين بأخذ أموال الناس وسفك دمائهم وهم مع ذلك يصلون صلاة الليل فإن حرمانها للتأديب والتنبيه وهم بما عملوا خرجوا عن أهلية ذلك. ألا ترى أن كثيرا ممن خرجوا من الدين يسعون في العبادات أشد من سعي المؤمنين. ثم أشار إلى أن العمل القبيح مهلك بقوله: (وإن العمل السيئ أسرع في صاحبه من السكين في اللحم) شبه السيئة بالسكين في سرعة النفوذ وقوة التأثير، والغرض من هذا التشبيه هو الإهلاك، وهو في المشبه به أجلى وإن كان في المشبه أقوى إذ بالمشبه به هلاك الدنيا وبالمشبه هلاك الآخرة.
17 - عنه، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: من هم بسيئة فلا يعملها فإنه ربما عمل العبد السيئة فيراه الرب تبارك وتعالى فيقول: وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك أبدا.
* الشرح:
قوله (من هم بسيئة فلا يعملها فإنه ربما عمل العبد السيئة فيراه الرب تبارك وتعالى) في مقام معصيته واشتغاله بها (فيقول وعزتي وجلالي لا أغفر لك بعد ذلك) إذا وقع هذا القسم وكله إلى نفسه وخلي بينه وبين شيطانه فيعمل ما يعمل حتى يصير من إخوان الشياطين وهو يخرج عن الدنيا بغير إيمان فلا تدركه شفاعة الشافعين، فلا يرد أنه إذا خرج هذا مع إيمان كيف لا يغفر له والغفران معد للمؤمنين، وفيه تنفير عن السيئة كلها فإن كل سيئة يمكن أن يكون هذه السيئة.
18 - الحسين بن محمد، عن محمد بن أحمد النهدي، عن عمرو بن عثمان، عن رجل، عن أبي الحسن (عليهما السلام) قال: حق على الله أن لا يعصى في دار إلا أضحاها للشمس حتى تطهرها.
* الشرح:
قوله (حق على الله أن لا يعصى في دار إلا أضحاها للشمس حتى تطهرها) ضحى الشيء ظهر وأضحاه أظهره وهو كناية عن أن المعاصي تخرب الديار.
19 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن الحسن بن شمون، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن مسمع بن عبد الملك، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن