ران على قلوبهم) ما كانوا يكسبون) أي غلب على قلوبهم ما كانوا يكسبون حتى قبلت الطبع والختم على وجه لا يدخل فيها شيء من الحق، والمراد بما كانوا يكسبون: الأعمال الظاهرة القبيحة والأخلاق الباطنة الخبيثة فإن ذلك سبب لرين القلب وصداه وموجب لظلمته وعماه، فلا يقدر أن ينظر إلى وجوه الخيرات ولا يستطيع أن يشاهد صور المعقولات كما أن المرآة إذا ألقيت في مواضع الندى ركبها الصدا، وأذهب صفاءها وأبطل جلاءها فلا ينتقش فيها صور المحسوسات، وبالجملة يشبه القلب في قسوته وغلظته وزوال نوره بما يعلوه من الذنوب والهوى وما يكسوه من الغفلة والردى بالمرآة المتكدرة من الندى وكما أن هذه المرآة يمكن إزالة ظلمتها بالعمل المعلوم كذلك هذا القلب يمكن تصفيته من ظلمات الذنوب وكدورات الأخلاق بدوام الذكر والتوبة الخالصة والأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة حتى ينظر إلى عالم الغيب بنور الإيمان ويشاهده كمشاهدة العيان إلى أن يبلغ إلى أعلى درجة الإحسان فيعبد الله كأنه يراه ويرى الجنة وما أعد الله فيها لأوليائه، ويرى النار وما أعد الله فيها لأعدائه.
21 - عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن علي بن أسباط، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال:
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لا تبدين عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة ولا تأمن البيات وقد عملت السيئات.
22 - محمد بن يحيى، وأبو علي الأشعري، عن الحسين بن إسحاق، عن علي بن مهزيار، عن حماد بن عيسى، عن أبي عمرو المدائني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: كان أبي (عليه السلام) يقول: إن الله قضى قضاء حتما ألا ينعم على العبد بنعمة فيسلبها إياه حتى يحدث العبد ذنبا يستحق بذلك النقمة.
23 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن سدير قال: سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن قول الله عز وجل: (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم) الآية.
فقال: هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وأنهار جارية وأموال ظاهرة فكفروا نعم الله عز وجل وغيروا ما بأنفسهم من عافية الله فغير الله ما بهم من نعمة. وإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فأرسل الله عليهم سيل العرم فغرق قراهم وخرب ديارهم وأذهب أموالهم وأبدلهم مكان جناتهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشئ من سدر قليل، ثم قال: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور).
* الشرح:
قوله (فقال هؤلاء قوم كانت لهم قرى متصلة) هؤلاء كانوا من أولاد سبأ وكانت لهم قرى متصلة