قصور في وصفه بالمغفرة حتى يتوقف ظهورها منه على الأولين ومن تاب أو تألم خرج من الذنب فلابد من وقوع العفو عنه في غيرهما ليبقي الآية على عمومها، وأيضا من المعلوم في وصف الكريم أن يعفو في حقه وأيضا قد أمرنا في مواضع بالعفو ويبعد أن لا يعفو هو، وبالجملة في الآيات والروايات حث بليغ على دوام الرجاء لمغفرته تعالى وإن كثرت الذنوب، وحسم مادة الإياس والقنوط من رحمته. إذ فيهما جحد لكرمه وإنكار لمغفرته ورحمته وذلك خروج عن التوحيد.
4 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد، عن حريز عن الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: ما من نكبة يصيب العبد إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر.
5 - علي، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لا تبدين عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة ولا يأمن البيات من عمل السيئات.
* الشرح:
قوله (لا تبدين عن واضحة وقد عملت الأعمال الفاضحة) الإبداء: الإظهار، وتقول: أبديته إذا أظهرته، وتعديته ب «عن» لتضمنه معنى الكشف، والوضوح: الانجلاء والانكشاف. يقال: وضح من باب وعد أي انجلى وانكشف. وفي المصباح: الواضحة: الأسنان تبدو عند الضحك. وفيه ردع عن الضحك وزجر عن الأعمال القبيحة وحث على محاسبة النفس، فإن من حاسبها وعرف قبح أفعالها وشناعة أعمالها واستولت عليه الخشية والهيبة، وانقطعت عنه الراحة واللذة وداس في قلبه عساكر الهموم فاستحق أن يبكي بحاله دون أن يضحك، ويؤيده ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا» إشارة إلى علمه بما في عالم الغيب من أحوال البرزخ وأهوال القيامة والنار ودركاتها وشدائدها فإن من عرفها حق المعرفة بنور الايمان لابد من أن يبكي على نفسه.
(ولا يأمن البيات من عمل السيئات) البيات: الإغارة ليلا وهو اسم من بيته تبيتتا إذا دبره في الليل، وتبييت العدو هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ، وهو بالفارسية «شبيخون كردن وبشب كار ساختن»، وفيه وعيد للمذنب بالعقوبات العاجلة.
6 - عنه، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي اسامة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: تعوذوا بالله من سطوات الله بالليل والنهار، قال: قلت له: وما سطوات الله؟ قال: الأخذ على المعاصي.
* الشرح: