10 - الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: سمعته يقول: اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا، يقول أحدكم: أذنب وأستغفر، إن الله عز وجل يقول: (سنكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين)، وقال عز وجل: (إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله، إن الله لطيف خبير).
* الشرح:
قوله (اتقوا المحقرات من الذنوب فإن لها طالبا) لا يغفل عنها ويؤاخذ بها (يقول أحدكم أذنب وأستغفر) في المصباح: الذنب: الإثم والجمع ذنوب، وأذنب: صار ذا ذنب بمعنى تحمله، والظاهر أن هذا بيان ومثال للمحقرات فإن هذا القائل يحقر ذنبه ويقول إنه سهل يرفعه الاستغفار ولا يدري أن الذنب من حيث إنه معصية الله العظيم عظيم، ولا ينبغي للمؤمن أن يحقر شيئا من ذنوبه وقد لا يغفر الله تعالى لأجل تحقيره إياه كما روى زيد الشحام عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «اتقوا المحقرات من الذنوب فإنها لا تغفر» قلت: وما المحقرات؟ قال: «الرجل يذنب الذنب فيقول طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك» ثم أشار إلى بيان قوله «فإن لها طالبا» وإلى بعض ما يصنعه الطالب تحذيرا عن الذنوب وهو أنه يكتبها ويحفظها ليشاهدها فاعلها بعد الخروج من الدنيا بقوله: ان الله عز وجل يقول (سنكتب ما قدموا) من الأعمال مطلقا صالحة كانت أم فاسدة.
(وآثارهم) من حسنة أذاعوها وسيئة أظهروها وبقي أثرهما بعدهم كتعليم علم وتأسيس ظلم مثلا، وقيل: أريد بالآثار آثار أقدام المشائين إلى المساجد، وقيل: أريد بها الأعمال وب «ما قدموا» النيات المقدمة عليها، وعلى التقادير فيه حث بليغ على الخير، وزجر عظيم عن الشر، فإن الثبت معلوم والمحو بالاستغفار وغيره غير معلوم.
(وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) فيه تنبيه على أن الكتابة مقرونة بالحفظ والإحصاء; إذ رب مكتوب غير محفوظ ولا مضبوط وتعميم بعد تخصيص. فكأنه قيل: الكتابة غير مختصة بأعمالهم وآثارهم، بل هي لكل شيء حتى أنه كتب أنهم سيفعلون كذا فإذا فعلوا كتب عليهم فعلوا كذا والإمام: اللوح المحفوظ، قيل: سمي به لأن الملائكة يتبعون ما كتب فيه من أجل ورزق وإماتة وإحياء، ووصفه بالمبين لأنه مظهر للأمور وفارق بين أحوال الخلق.
(وقال عز وجل) حكاية لقول لقمان في نصيحته ابنه ناتان: (إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير) ضمير إنها للخصلة من الإساءة أو الإحسان، وضمير «إن تك» راجع إليها، والمثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع