عمرو، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: المؤمن مؤمنان: مؤمن وفى لله بشروطه التي شرطها عليه، فذلك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا، وذلك من يشفع ولا يشفع له، وذلك ممن لا تصيبه أهوال الدنيا ولا أهوال الآخرة، ومؤمن زلت به قدم فذلك كخامة الزرع كيفما كفئته الريح انكفأ وذلك ممن تصيبه أهوال الدنيا والآخرة ويشفع له وهو على خير.
* الشرح:
قوله (كيفما كفئته الريح انكفأ) أي قلبته وأمالته وهو إشارة إلى وجه تشبيهه بخامة الزرع، والتشبيه تمثيل لإمالة أهواء نفسه وريح خاطراته إياه من حال إلى حال فتارة يعوج وأخرى يقوم ويعتدل.
3 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن إسماعيل بن مهران، عن يونس بن يعقوب، عن أبي مريم الأنصاري، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قام رجل بالبصرة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان، فقال: الإخوان صنفان: إخوان الثقة وإخوان المكاشرة، فأما إخوان الثقة فهم الكف والجناح والأهل والمال، فإذا كنت من أخيك على حد الثقة فابذل له مالك وبدنك وصاف من صافاه وعاد من عاداه واكتم سره وعيبه وأظهر منه الحسن، واعلم أيها السائل أنهم أقل من الكبريت الأحمر، وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب لذتك منهم، فلا تقطعن ذلك منهم ولا تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم وابذل لهم ما بذلوا لك من طلاقة الوجه وحلاوة اللسان.
* الشرح:
قوله (فقال يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الإخوان) أراد بالإخوان المؤمنين كما قال عز وجل (انما المؤمنون إخوة).
(فقال: الإخوان صنفان إخوان الثقة وإخوان المكاشرة) الثقة مصدر بمعنى الأمانة والاعتماد، والمراد بإخوان الثقة أهل الأمانة والاعتماد في الدين وأرباب الثبوت والقوة في اليقين، وهم المؤمنون المتصفون بالفضائل، المقدسون عن الرذائل. والمكاشرة المضاحكة من الكشر وهو ظهور الأسنان للضحك. وكاشره إذ ضحك في وجهه وباسطه، والاسم الكشرة كالعشرة، والمراد بإخوان المكاشرة أهل الحق والباطل الذين جمعوا بين شيء من الفضائل والرذائل يعملون تارة بمقتضى الايمان وأخرى بحكم النفس والشيطان، ثم أشار (عليه السلام) إلى شيء من أحوال الفريقين وكيفية المعاشرة معهما بقوله: (فأما اخوان الثقة فهم الكف والجناح والأهل والمال) الكف الراحة مع الأصابع سميت بذلك لأنها تكف الأذى عن صاحبها وعن غيره، والجناح للطير معروف ويطلق