21 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن معروف بن خربوذ، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) بالناس الصبح بالعراق، فلما انصرف وعظهم فبكى وأبكاهم من خوف الله، ثم قال: أما والله لقد عهدت أقواما على عهد خليلي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وإنهم ليصبحون ويمسون شعثا غبرا خمصا، بين أعينهم كركب المعزى، يبيتون لربهم سجدا وقياما يراوحون بين أقدامهم وجباهم، يناجون ربهم ويسألونه فكاك رقابهم من النار والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون.
* الشرح:
قوله (لقد عهدت أقواما على عهد خليلي) العهد «ديدن وياد داشتن» ومنهم سلمان وأبو ذر وعمار وابن التيهان - بتشديد الياء وسكونها - وذو الشهادتين وهؤلاء الثلاثة قتلوا في صفين وغيرهم من إخوانهم الذين تعاقدوا على المنية في صفين فقاتلوا حتى قتلوا.
(شعثا غبرا خمصا بين أعينهم كركب المعزى) كأن الأخير جمع الخميص وهو الجائع والأولين مؤنث الأشعث والأغبر كحمراء وأحمر، والتأنيث بتأويل الجماعة، والأشعث: المنتشر أمره والمتغير لونه والمتلبد شعره لقلة تعهده بالدهن والمتسخ ثوبه من غير استحداد ولا تنظف، والأغبر: المتلطخ بالغبار، والركب: جمع الركبة كالغرف جمع الغرفة، والمغر: اسم جنس لا واحد له من لفظه وهي ذوات شعر من الغنم، الواحدة: شاة وتفتح العين وتسكن والمعزى ألفها للإلحاق لا للتأنيث، ولهذا تنون في النكرة، والذكر ماعز، والأنثى ماعزة، والمقصود من هذا التشبيه هو وصفهم بكثرة السجود لأنه يحصل بها في الجبهة صلابة وخشونة لكثرة وضعها على الأرض (يراوحون بين أقدامهم وجباههم) أي إذا تعبت أقدامهم بطول القيام يراوحون بينها وبين الجباه فيضعون الجباه على التراب تواضعا لله وتذللا له.
(والله لقد رأيتهم مع هذا وهم خائفون مشفقون) أي وهم خائفون من رد أعمالهم، مشفقون من عذاب النار وخوفهم من ذلك يعود إلى الخوف مما يحكم به الأوهام من حسن العبادة وكمالها ووقوعها على الوجه المطلوب الموصل إلى الله تعالى قطعا مع انقياد النفس الأمارة بالسوء لها، وهذا الوهم والانقياد مبدءان للتعجب بالعبادة والتقاصر عن الازدياد، والخوف من ذلك باعث على العمل والسعي فيه وفي تجويده، وكاسر للعجب ومبدئه. والعجب من المهلكات.
22 - عنه، عن السندي بن محمد، عن محمد بن الصلت، عن أبي حمزة، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) قال: صلى أمير المؤمنين (عليه السلام) الفجر ثم لم يزل في موضعه حتى صارت الشمس على قيد رمح وأقبل على الناس بوجهه، فقال: والله لقد أدركت أقواما يبيتون لربهم سجدا وقياما